تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٤٢
أن يكون المجعول هو الطريق الواصل بنفسه، أو الواصل ولو بطريقه، فتسقط مقدمية الاحتياط رأسا من مقدمات الانسداد كما عرفت، ثم إن من لوازم كون المنجز منحصرا في العلم الأعم من الوجداني والتنزيلي، كون حجية الظن على هذا المبنى ممحضا في الكشف فقط، ولا مجال لتوهم الحكومة أصلا، إذ ليس للعقل نصيب في إثبات المنجز، بل هو شأن الشارع فقط، هذا كله إن قلنا بأن طريق تنجز الواقع منحصر بالعلم الأعم من الواقعي والتنزيلي، وأما لو قلنا بإمكان منجز آخر غير العلم التنزيلي، ولو مثل الامر الطريقي الكاشف عن اهتمام الشارع بحفظ مرامه حتى في مرتبة الجهل به، فلا شبهة في أن التنجز يدور مدار هذا الاهتمام، وحيث إن بطلان الخروج من الدين الذي هو ضروري الفساد، يكفي في إثبات هذا المعنى، فيكون احتماله منجزا عقليا في التعرض لما يحتمل كونه مراد المولى، ولا وجه حينئذ لجعل الشارع أصلا، بل لو جعل حجة يكون تقريرا لما حكم به العقل، ولا نعنى من الحكومة إلا هذا، وحينئذ فمجرد احتمال إيكال الشرع أصل الطريق لا تعيينه، كما في المبنى السابق إلى العقل، يكفي في منع كشف المقدمات المزبورة عن جعل شرعي، فلا تصل النوبة إلى القول بالكشف، كما لا يخفى، ثم إنه لا إشكال في اختلاف مراتب الاهتمام في حفظ مرام الشارع، فتارة يكون الاهتمام بمثابة في مقام حفظ مراده ومرامه، حتى في أبعد المحتملات، وأخرى لا يكون الاهتمام بهذه المثابة، بل يكون في مقام حفظ مرامه في أقرب المحتملات أما الأول، فلا طريق لنا إلى إثباته، كيف وهو مستلزم للحرج، فيستكشف من لزومه عدم اهتمام الشارع بهذه المثابة في حفظ مراده ومرامه، فتعين الأخير فلا محيص حينئذ من مرجعية الظن دون غيره لعدم إحراز الاهتمام في غيره، فيحكم العقل حينئذ بمرجعية الظن بلا احتياج إلى مقدمية الاحتياط، تلخيص الكلام في المقام هو إن الدليل المعروف بدليل الانسداد، يمكن أن يقرر بطرق مختلفة لكل واحد من تلك الطرق مقدمات خاصة.
الأول، طريق التبعيض في الاحتياط، وعمدة مقدمات هذا الطريق العلم الاجمالي بثبوت تكاليف في الواقع، ولزوم الحرج في الجمع بين المحتملات، فيحكم العقل حينئذ
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»