تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٩
فعلية، لا بعناية أخرى، كما لا يخفى، فالحق في الجواب، أن يقال بعد البناء على طريقية الامارات، كما هو بناء العقلاء فيما يعتمدون عليه فيما بينهم من الامارات العرفية، التي بها قوام معاشهم، إذ المغروس في أذهانهم ليس إلا الطريقية، ولا يخطر ببالهم الموضوعية أبدا، إن مرجع الامر الطريقي بحسب ما هو المرتكز في الأذهان، ليس إلا الترخيص في عدم لزوم إتيان الواقع عند الجهل به، وعدم مصادفة الطريق المجعول له، من دون اشتياق وحب في موردها أبدا، مع بقاء الشوق والمحبة الاقتضائية بالنسبة إلى الواقع، لاطلاق مصلحته الشاملة لجميع المراتب والحالات، وهذه المصلحة ليست علة تامة لتشريع الخطاب في الواقع مطلقا، بحيث يقبح التفويت، وجعل ما يتخلف منه أحيانا واتفاقا، بل هي تامة للتشريع والجعل، بقدر استعداد الخطاب فقط، وهو فقط مقصود المولى بجميع المقدمات التي في الرتبة السابقة على الخطاب، وأما الأمور المتأخرة عن نفس الخطاب، كالعلم به، وتطبيق العبد خطاب مولاه على المورد، مقدمة لجريه على طبقه، فالخطاب تأخر عنه، وحيث يقصر الخطاب الأولى عن شمول المرتبة المتأخرة، مع ابتلاء نوع المكلفين بها، فللمولى الحكيم أن يعتني بهذه المرتبة، بإيجاد خطاب آخر يشمل مرتبة الجهل بالخطاب الأول لقصوره بنفسه عن الشمول له، فالخطابات الأولية الواقعية فعلية بمقدار استعدادها، والخطاب الثاني الطريقي مظهر لفعليتها عند المصادفة، ومصحح اعتذار العبد عند المخالفة، فلا تعدد في الحكم، حتى يلزم اجتماع المثلين، أو الضدين، ولا علية للمصلحة الواقعية مطلقا، حتى بالنسبة إلى مرتبة الجهل، حتى يلزم تفويت المصلحة الحاصلة، نعم هي ثابتة ثبوتا اقتضائيا، فمن الجائز تحقق مصلحة نوعية أخرى أهم من المصلحة الاقتضائية الواقعية، فيتدارك بها ما فات من المصلحة الاقتضائية الواقعية، هذا لباب القول في وجه حجية الامارات، ورد ما ورد عليها من الشبهات، وأما الفرق بينها وبين الأصول، فلابد فيه أيضا من الرجوع إلى العرف، واستكشاف ما هو المرتكز في أذهان العقلاء، فنريهم يبنون على مكشوفية الواقع تارة، والبناء على العمل على أحد طرفي الشك في ظرف عدم الانكشاف أخرى، وعلى طبق هذا الارتكاز العرفي، ورد مثل قوله " ع ": ما أديا فعنى يؤديان، لان مثل هذه التعبيرات كناية عن
(٢٩)
مفاتيح البحث: الجهل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»