بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه، محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، إلى يوم الدين وبعد: فيقول العبد المذنب العاصي محمد رضا بن محمد يوسف الطباطبائي التبريزي عفى الله عنهما، هذا هو الجزء الثاني مما سميناه ب (تنقيح الأصول)، المشتمل على مباحث الحجج وما يصح به الاعتذار، ومباحث الأدلة والاجتهاد والتقليد، وهذا خلاصة ما استفدناه من أبحاث شيخنا الأعظم، وملاذنا الأقدم، المحقق الخبير، والمدقق النحرير، قبلة المشتاقين، وآية الله في العالمين، الشيخ ضياء الدين العراقي أدام الله ظله العالي، وقد كنت اذخرتها لنفسي، وأبرزتها لغيري، عسى أن ينفعني الله تعالى به، فإنه ولي العون والتوفيق، قال دام ظله العالي مطابقا لما أفاده شيخ مشايخه قدس سره.
إعلم أن المكلف إذا التفت إلى حكم شرعي، فإما أن يحصل له القطع، أو الظن، أو الشك، لا اشكال في أن المكلف هو خصوص البالغ العاقل، وإنما الاشكال في أن المراد منه، هل هو مطلق من وضع عليه قلم التكليف، أو خصوص المجتهد، ومنشأ الإشكال اختصاص أدلة الحجية بخصوص المجتهد، أو تعميمها له ولغيره، فنقول:
أما القطع الطريقي، فلا ريب في عدم اختصاص حجيته بأحد دون أحد، بل هو حجة لمن حصل له، وتترتب عليه الآثار مطلقا، وأما المأخوذ في الموضوع، فتابع لدليل الاخذ تعميما وتخصيصا، وأما أدلة اعتبار الأمارات والأصول، وإن أمكن تعميمها بالنسبة إلى المقلد أيضا، لكن مقتضى القرائن الداخلية والخارجية من اعتبار الاقتدار على الفحص عن المعارض في حجية الامارات، وعن الحكم الواقعي في موارد الأصول