تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٦
وجدانا، وليس مناط مبغوضية المعصية، هو ترك الواقع بما هو ترك الواقع، وإلا لتحققت المعصية فيما لو ترك الواقع نسيانا، أو جهلا عن قصور، مع أنه ليس كذلك، فلا مناط في مبغوضية المعصية إلا الهتك والظلم، المتحققين في مورد التجري حقيقة ، وليست المبغوضية في مورد التجري ناشئة عن مفسدة في ذات العمل من حيث هو، حتى تعارض مصلحته إن كان في الواقع ذا مصلحة، بل هي لانطباق عنواني الهتك والظلم على العمل المتجري به، مع القطع النظر عما في ذات العمل من حيث هو، فالمتجري هاتك وظالم بالنسبة إلى المولى، والفعل المتجري به من حيث أنه متجري به مبغوض، وموجب للعقاب.
إن قيل استحقاق العقوبة على العمل بعنوان التجري، ملازم لمبغوضيته لدى المولى، وذلك ملازم لانقلاب الواقع عما هو عليه، فيصير محبوب المولى مبغوضا له، بمحض تخلف قطع عبده عن الواقع، مع أن الوجدان يشهد بخلافه.
قلنا، قد أشرنا إلى أن عروض عنوان التجري لا يقلب الواقع عما هو عليه، إذ المصلحة الواقعية قائمة بالذات، من حيث هي، ومع قطع النظر عن عروض عنوان التجري، ثم انطباق نفس هذا العنوان، من حيث هو، مما يستقل العقل بقبحه، فلا مضادة، ولا انقلاب، لاختلاف موردي المحبوبية والمبغوضية، فالفعل المتجرى به، من حيث أنه كذلك، غيره من حيث ذاته، وبحسب طبعه، وقد يدفع الاشكال باختلاف المرتبة، فيقال، أن المصلحة إن كانت، ففي مرتبة الواقع والمبغوضية، في مرتبة الجهل بالواقع، كما هو الشأن في كل أمارة قامت على خلاف الواقع، ولكنه مخدوش بأنه صحيح، لو لم تعم المصلحة حالة الجهل بالواقع أيضا، وأما إن كانت شاملة لها، فلا يدفع الاشكال باختلاف المرتبة، كما لا يدفع بأن يقال، إن ما هو مبغوض هو إضافة الفعل إلى الفاعل، دون نفس الفعل من حيث هو، فلا تنافي بين المبغوضية الفاعلية، والمحبوبية الفعلية، إذ يرد عليه، أن ما هو مبغوض هو عنوان التجري، وهو عبارة عن نفس الفعل المضاف، لا إضافة الفعل، ولو سلم ذلك، فلا إشكال في مبغوضية نفس الفعل أيضا، لكونه مقدمة للإضافة الحاصلة في البين، واضعف من ذلك، هو القول بعدم المبغوضية في الفعل المتجرى به، وإنما يدل التجري على سوء سريرة الفاعل فقط، وهو مردود
(٢٦)
مفاتيح البحث: الجهل (2)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»