تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢١
أخرى، تكون هي الموجبة لتنجز الواقع وجعل المحرزية، ولا يمكن أن تكون تلك العناية هي جعل الحجية من حيث هي من الوضعيات، بداهة أنها إن كانت بمعنى السببية لاستحقاق الثواب، أو العقاب، فليست قابلة للجعل، بل هي بهذا المعنى من التكوينيات، وإن كانت بمعنى تتميم الكشف، فقد مر ما فيه، وإن كان بمعنى أخرى، فليبين حتى يتأمل فيه، فالتحقيق أن يقال: أن الأوامر الطريقية، ليست إلا انشاءات مبرزة للإرادة الحقيقية المتعلقة بالمراد الواقعي، في ظرف الجهل به، وحيث أن تلك الانشاءات لا تكون إلا في ظرف الجهل بالواقع، فلا محالة تكون دائرة انشائها أوسع من دائرة نفس الإرادة الواقعية، لعدم الملازمة بين تلك الانشاءات والإرادة الواقعية، لأنه ربما يكون في البين انشاء بلا تصادف الواقع أصلا، نعم انشاء الاحكام الحقيقية ملازم واقعا للإرادة الواقعية، وجودا وعدما، بخلاف المقام، فإن انشاء الحكاية لشئ، لا يستلزم تحقق المحكي الواقعي دائما في مورد الحكاية، كما لا يخفى، ويترتب على هذا أمران.
أحدهما، صحة وقوع الأوامر الطريقية واسطة في إثبات متعلقاتها واقعا فيما صادفت الواقع، فيقال: هذا ما قامت الامارة على وجوبه، وكل ما قامت الامارة على وجوبه، فهو واجب، فهذا واجب، وذلك لأوسعية الانشاء الطريقي عن الواقع، بخلاف نفس انشاء الواقعيات، إذ لا معنى لوقوعها واسطة لاثبات متعلقاتها، لأنه وساطة للشئ في إثبات نفسه.
ثانيهما، إن مثبتيتها للواقع فيما إذا صادفته، تكون حقيقيا لا عنائيا ادعائيا، لان الانشاءات المبرزة عن الواقع، متحد معه في صورة المصادفة، فتكون مثبتة لمتعلقها حقيقة وواقعا، كما لا يخفى.
(اشكال ودفع) أما الأول، فهو إنك قلت إن الأوامر الطريقية انشاءات في ظرف الجهل بالواقع وحينئذ نقول لا تنجيز للواقع، إلا بالبيان الواصل، والبيان الواصل ينافي الجهل بالواقع، فلا تكون الأوامر الطريقية في ظرف الجهل بالواقع منجزا للواقع.
وأما الثاني، فنقول: نعم لا تنجيز للواقع، إلا بالبيان الواصل، وأما أن البيان الواصل
(٢١)
مفاتيح البحث: الجهل (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»