حال القاعدة على تقدير حكومتها وامتنانيتها، كحديث الرفع، فإنه يرفع الوجوب، لا الصحة، لان ما كان على طبق الامتنان، هو رفع الوجوب، لا الصحة، وإلا فيلزم عدم صحة المعاملات الواقعة ممن كان مضطرا إلى بيع داره مثلا، للانفاق على أهله وعياله، وأداء ديونه، فلا ترفع القاعدة حينئذ الالزام في العبادات الضررية، فما كان علة تامة للضرر، هو الالزام لا الرجحان، ولازمه إنه إذا أقدم المكلف على العمل الضرري، فيقع في الضرر عن اختياره، ولا يكون رجحانه علة لوقوعه في الضرر، وتظهر الثمرة في مقام قصد القربة، فإن قلنا بعدم اعتبار القصد للامر الفعلي، وكفاية قصد الرجحان، كما هو المختار عندنا، فيمكن أن يأتي بهذا العمل بداعي رجحانه، ولا يحتاج إلى القول بإمكان الترتب، وعليه فلا يقتضي لا ضرر فساد العبادات الضررية، وحرمتها، لو أتى بها بقصد الرجحان، ونظير ذلك عبادات الصبي، فإنه لو أتى بقصد الرجحان، صحت عباداته، ولا يقتضي رفع القلم عنه، نفي الرجحان أيضا، بل المراد من رفع القلم، هو رفع الالزام، لا الرجحان، ولذا لو صلى الصبي بعد دخول الوقت، ثم بلغ قبل انقضائه، لم يحتج إلى الإعادة والآتيان ثانيا، بداعي الامر الفعلي، لكفاية قصد الرجحان في شرعية عباداته المأتى بها، فبناء على ذلك لو كنا نحن ولا ضرر، بقطع النظر عن الأدلة الاخر، لم يكن وجه للحكم بفساد العبادات الضررية المأتى بها في حال الضرر، وحيث إن بناء الأصحاب على حرمة العبادات الضررية وفسادها، كالصوم والوضوء الضرريين مثلا، يمكن أن نستكشف عن إن إطباقهم على الفساد، ليس إلا لدليل آخر غير لا ضرر، وهو أدلة تحريم إضرار الانسان على نفسه، كما هو غيره، ويظهر من ذلك إن تطبيق الأصحاب هذه القاعدة على العبادات الضررية، واقع في غير محله، وإنه من قبيل تكثير السواد، لا من باب إثبات المطلوب بالدليل، نعم لو اعتبرنا في العبادات قصد الامر الفعلي، فلم يمكن الحكم بصحة العبادات الضررية، بناء على حكومة القاعدة على أدلة الاحكام، لعدم وجود الامر الفعلي فيها، ولكن قد عرفت عدم اعتبار ذلك، وكفاية إتيانها بداعي رجحانها الذاتي، فصح أن يقال إن تمسكهم بالقاعدة في موارد العبادات الضررية، من قبيل ذكر المناسبات بعد الوقوع، وتعليل الامر المسلم بما يوجب تقريبه، ولو في الجملة، والحاصل إنه ليس حكمهم بالبطلان إلا من جهة الأخبار الخاصة، أو معاقد الاجماعات،
(١٤٠)