تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٣٠
غير ما جعل للموضوعات عموما، أو إطلاقا، فلو قيل بما قلناه، لا يلزم محذور، وارتكاب خلاف الظاهر، أو خلاف ما عليه التسالم، وأما لو قيل بأن النفي لإفادة النهي، كما أصر عليه الشيخ الشريعة (قده)، فأمر الحكومة يبقى بلا أساس، ثم لا يخفى إن الوجوه المحتملة في معنى الحديث، أقربها إلى ظاهر لفظه وسياقه ما اخترناه، فإنه لا يستلزم المجاز في الحذف، ولا خلاف الامتنان، ولا جعل الضرر عنوانا للفعل المنشأ له، ويقرب منه الوجه الأخير، فإنه خال عن المحذور الأول والثالث، ثم احتمال المجاز في الحذف، مما اختاره صاحب الكفاية، في غاية البعد عن الظهور، ولا تصل النوبة إليه، إلا بعد القرينة على عدم سوق الخبر، إلا لهذا الوجه، وبعد ما ظهر إن محتملات الحديث أربعة، وإن سياقه يقتضي وروده في مقام الامتنان، ونفي ما كان إثباته خلاف الامتنان، بخلاف نفيه، وإن مقتضى الظاهر عدم كون الضرر عنوانا لمنشائه من الافعال، ومقتضى الأصل والقاعدة عدم الحذف، تبين إن مفاد الحديث هو نفي الضرر من قبل الشارع امتنانا، وهو إنما يكون بنفي منشائه، مما بيد الشارع إثباته ونفيه، فهذا نظير نفي العقاب عما لا يعلم، الدال على نفي منشائه، من وجوب الاحتياط، فإن هذا المعنى غير مستلزم للالتزام بالحذف، وخلاف مقتضى سياقه، مما فهمه الأصحاب أيضا، من وروده مورد الامتنان، فلذا لا يتمسكون به في صورة استلزامه خلاف المنة على الغير، وفي مورد لا يكون مستحقا لها، كالمقدم على الضرر، ولحمل الضرر على المرآتية والمشيرية، بادعاء إنه عنوان للوضوء وغيره من الافعال الضررية، فليعلم إن هذا النفي المستلزم لنفي الحكم الضرري، يمكن أن يكون من قبيل المخصص لأدلة الاحكام، التي قد يترتب عليها الضرر، ويمكن أن يكون حاكما عليها، وناظرا إليها، فتكون الحكومة هنا بنفي الحكم الضرري، لا بنفي موضوعه، لكن سياقه سيما على تقدير وقوع لفظة في الاسلام في ذيله، على ما نقل عن ابن الأثير وعن التذكرة، يعين الاحتمال الثاني، وبعد تسليم حكومة لا ضرر، ووروده في مقام الامتنان، يقع الكلام في تطبيقه الصادر عن المعصوم عليه السلام، وفى تطبيقات الفقهاء، فسيأتي التعرض لها في ضمن المباحث الآتية، وأما التطبيقات الصادرة عن المعصوم عليه السلام، فما وجدناه منها منحصر في قضية سمرة، وخبر الشفعة، وخبر النهي عن فضل الماء عن الكلاء، ورواية حفر القناة في قرب الأخرى، فإن لا ضرر منطبق في هذه الأخبار
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»