تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٢٣
الذي هو محل ابتلاء المكلف، وأما الشرط الثاني، فمرجعه إلى اشتراط عدم دليل حاكم على البراءة، وهو ليس شرطا خارجا عن حقيقة البراءة، بل هو بيان تحقق موضوعها، كما لا يخفى، وحيث انجر الكلام إلى قاعدة الضرر، فالمناسب بيان بعض ما أودعناه في الرسالة المستقلة، في هذه القاعدة، بنحو الايجاز والاختصار.
(الكلام في قاعدة لا ضرر) وتوضيح الحال في طي مقامات، المقام الأول: في معنى لا ضرر ولا ضرار، وبيان الفرق بينهما، والمقام الثاني: في مدركها، والمقام الثالث: في مقدار دلالتها، والمقام الرابع:
في نسبتها إلى أدلة الاحكام والتكاليف، من الحكومة وعدمها، والمقام الخامس: في إنه هل ورد عليها التخصيص كثيرا، بحيث صارت موهونة لا يؤخذ بها، إلا في مورد أخذ الأصحاب، أم لا، والمقام السادس: في إن تطبيقاتها على الموارد صحيحة، أم لا؟
فهنا نتكلم في مقامات.
أما المقام الأول، فنقول إن معنى الضرر كان معروفا، وهو عبارة عن النقص الوارد في المال، أو العرض، أو النفس، فيقال: فلان ورد عليه ضرر مالي، أو ضرر نفسي، أو عرضي، في قبال النفع، فإذا كان الانسان واجدا لمرتبة خاصة من المراتب، وحصل نقص منها، فيصدق إنه ورد عليه ضرر، ويقابله النفع، والضرر أعم من أن يحصل من قبل الغير، أو باختياره، أو من قبل الله تعالى، وأما الفرق بين الضرر والضرار، هو إن الضرر ما يرد على الانسان نفسه، والضرار هو إضراره بالغير جزاء. أو إصراره على ضرر الغير، ولذا ورد في قوله صلى الله عليه وآله لسمرة بن جندب: أنت رجل مضار، حين ما أصر على إبقاء النخلة، والدخول عليها متى أراد. وتوهم أن الضرار مصدر باب المفاعلة، ويعتبر فيه تكرر المبدء من الطرفين، فينحصر مدلوله في الضرار الواقع جزاء، لا ضرار الغير ، مدفوع بعدم لزوم كون المبدء من باب المفاعلة بين الا ثنين دائما، بل المعتبر فيه تكرر المبدء، سواء كان من شخصين، أو من واحد، ولذا يقال المطالع والمعالج، والمسافر وغيرها، لمن لا يكافي بالمثل من طرفه، وفيما نحن فيه يكون المراد، أنك رجل مضار، أي مصر على الاضرار، وحاصل الفرق، إن لا ضرر ناظر إلى نفس المضارة القهرية،
(١٢٣)
مفاتيح البحث: سمرة بن جندب (1)، الضرر (9)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»