درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٤٨
نفسها لا تناسب كلماتهم كما لا يخفى إذا عرفت هذا فنقول لا يتعقل أخذ القدر الجامع بين ذوات تلك الحقائق المختلفة المتصفة بالصحة مع قطع النظر عن اعتبار امر خارج عنها لأن معنى أخذ القدر الجامع إلغاء الخصوصيات وأخذ ما هو مشترك سار في جميع الافراد والمفروض ان لتلك الخصوصيات دخلا في الصحة مثلا الصلاة التي يأتي بها القادر قائما يتقوم صحتها بالقيام فلو اعتبر القيام مثلا في الموضوع له فلا يصدق على الصلاة التي يأتي بها المريض جالسا وان لم يعتبر فيلزم صدقها على الصلاة التي يأتي بها القادر جالسا وكلاهما خلاف مذهب الصحيحي والذي يمكن ان يقال في تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة ان كل واحد من تلك الحقائق المختلفة إذا أضيفت إلى فاعل خاص يتحقق لها جامع بسيط يتحد مع هذه المركبات اتحاد الكلي مع افراده مثلا قيام الشخص القادر لتعظيم الوارد وإيماء الشخص المريض له يشتركان في معنى واحد وهو إظهار عظمة الوارد بقدر الإمكان وهذا المعنى يتحد مع قيام القادر كما انه يتحد مع إيماء المريض وعلى هذا فالصلاة بحسب المفهوم ليست هي التكبيرة والقراءة والركوع والسجود وكذا وكذا بل هي بحسب المفهوم هو المعنى الواحد البسيط الذي يتحد مع تمام المذكورات تارة ومع بعضها أخرى ومع ما قيد بكيفية خاصة تارة وبنقيضها أخرى وهذا المعنى وان كان امرا متعقلا بل لا محيص عن الالتزام به بعد ما يعلم ان لتلك الحقائق المختلفة فائدة واحدة وهي النهي عن الفحشاء والمنكر ولا يكاد ان تؤثر الحقائق المتباينة في الشيء الواحد من دون رجوعها إلى جهة واحدة ولكن كون هذا المعنى مفاد لفظ الصلاة محل إشكال من وجهين أحدهما ان الظاهر مما ارتكز في أذهان المتشرعة هو ان الصلاة عبارة عن نفس تلك الاجزاء المعهودة (1) التي أولها التكبير وآخرها التسليم.

(1) لا يخفى ان اعتبار الوحدة بين اجزاء الصلاة على وجه يأتي في تصوير الجامع للأعمي مع قيد كون هذا الواحد الاعتباري بحد مفيد لذلك المعنى البسيط بحيث يكون الحد خارجا عن الموضوع له يرافع لهذا الإشكال وان كان الإشكال الثاني أعني لزوم القول بالاشتغال في العبادات باقيا بحاله فينحصر القول بالبراءة فيها في اختيار القول بالأعم كما هو الصحيح " منه " دام ظله.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»