درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٤٦
الذين من قبلكم (1) وقوله تعالى واذن في الناس بالحج (2) على كون هذه الألفاظ حقائق لغوية لا شرعية تقريب الاستدلال ان هذه الآيات تدل على وجود معاني هذه الألفاظ في الشرائع السابقة ويثبت وضع هذه الألفاظ لها فيها بضم مقدمة أخرى وهي ان العرب المتدينين بتلك الأديان لما سمعوا هذه الآيات فلا يخلو اما انهم ما فهموا منها هذه المعاني المعروفة أو فهموها بمعونة القرائن الموجودة في البين أو فهموها من حاق اللفظ والأول واضح البطلان لا يمكن الالتزام به وكذلك الثاني إذ من البعيد جدا احتفاف جميع تلك الألفاظ الموجودة في القرآن بالقرينة فلم يبق الا الالتزام بأنهم فهموا تلك المعاني من حاق اللفظ وهو المطلوب ولعل هذا هو المراد من بعض العبارات المشتملة على الاستدلال بهذه الآيات لا ما يتوهم من ان المراد إثبات تداول هذه الألفاظ في الشرائع السابقة ثم انه تظهر الثمرة بين القولين في حمل الألفاظ الصادرة من الشارع بلا قرينة على معانيها الشرعية بناء على ثبوت الوضع والعلم بتأخر الاستعمال عنه (3) وعلى معانيها اللغوية بناء على عدمه ولو شك في تأخر الاستعمال وتقدمه اما بجهل التاريخ في أحدهما أو كليهما فالتمسك بأصالة عدم الاستعمال إلى ما بعد زمان الوضع فيثبت بها تأخر الاستعمال مشكل فإنه مبنى على القول بالأصول المثبتة اما مطلقا أو في خصوص المقام مضافا إلى معارضتها بالمثل (4) في القسم

(١) سورة البقرة، الآية ١٨٣.
(٢) سورة الحج، الآية ٢٧.
(٣) وهنا قيد آخر: وهو ان يكون المعنى الأول مهجور أو الا فمجرد ثبوت الحقيقة الشرعية والعلم بتأخر الاستعمال لا يوجب الحمل على المعاني الشرعية كما لا يخفى " منه ".
(٤) هذا بناء على جريان الأصل في مجهولي التاريخ ذاتا وسقوطهما بالمعارضة ولكن التحقيق كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى عدم الجريان رأسا لكون النقض في كل منهما شبهة مصداقية للنقض بالشك أو باليقين. " منه ".
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»