درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٢٧
ومنها ما حكى عن المحقق السبزواري وهو انها لو لم تكن واجبة يلزم عدم كون تارك الواجب المطلق مستحقا للعقاب بيان الملازمة انه إذا كلف الشارع بالحج ولم يصرح بإيجاب المقدمات فتارك الحج بترك قطع المسافة الجالس في بلده اما ان يكون مستحقا للعقاب في زمان ترك المشي أو في زمان ترك الحج في موسمه المعلوم لا سيل إلى الأول لأنه لم يصدر منه في ذلك الزمان الا ترك الحركة والمفروض انها غير واجبة عليه ولا إلى الثاني لأن الإتيان بافعال الحج في ذي الحجة ممتنع بالنسبة إليه فكيف يكون مستحقا للعقاب بما يمتنع صدوره عنه الا ترى ان الإنسان إذا امر عبده بفعل معين في زمان معين في بلد بعيد والعبد ترك المشي إلى ذلك البلد فان ضربه المولى عند حضور ذلك الزمان معترفا بأنه لم يصدر منه إلى الآن فعل قبيح يستحق به التعذيب لكن القبيح انه لم يفعل في هذه الساعة هذا الفعل في ذلك البلد لنسبه العقلاء إلى سخافة الرأي وركاكة العقل بل لا يصح العقوبة الا على الاستحقاق السابق قطعا ثم نقول إذا فرضنا ان العبد بعد ترك المقدمات كان نائما في زمان الفعل فاما ان يكون مستحقا للعقاب أولا لا وجه للثاني لأنه ترك المأمور به مع كونه مقدورا فثبت الأول فاما ان يحدث استحقاق العقاب في حالة النوم أو حدث قبل ذلك لا وجه للأول لأن استحقاق العقاب انما يكون لفعل القبيح وفعل النائم والساهي لا يتصف بالحسن والقبح بالاتفاق ولا وجه للثاني لأن السابق على النوم لم يكن الا ترك المقدمة والمفروض عدم وجوبها هذا حاصل ما أفاده قده وقد نقلناه ملخصا.
والجواب انه لا محذور في اختيار كل واحد من الشقين فلنا ان نختار الشق الأول وهو استحقاق العقاب في زمان ترك المشي لا على ترك المشي بل على ترك الحج المستند إلى ترك المقدمة اختيارا فان طريقة الإطاعة والمعصية مأخوذة من العقلاء وهم يحكمون بحسن عقاب العبد التارك للمقدمة في زمن تركها ولا يلزمون على المولى انتظار زمن الفعل وليس هذا التزاما
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»