هذا المقام وجوه:
أسدها وأمتنها ما احتج به شيخنا المرتضى قده من شهادة الوجدان (1) فان من راجع وجدانه وأنصف من نفسه يقطع بثبوت الملازمة بين الطلب المتعلق بالفعل والمتعلق بمقدماته لا نقول بتعلق الطلب الفعلي بها كيف والبداهة قاضية بعدمه لجواز غفلة الطالب عن المقدمة إذ ليس النزاع منحصرا في الطلب الصادر من الشارع حتى لا يتصور في حقه ذلك بل المقصود ان الطالب للشيء إذا التفت إلى مقدمات مطلوبه يحد من نفسه حالة الإرادة على نحو الإرادة المتعلقة بذيها كما قد يتفق هذا النحو من الطلب النفسي أيضا فيما إذا غرق ابن المولى ولم يلتفت إلى ذلك أو لم يلتفت إلى كونه ابنه فان الطلب الفعلي في مثله غير متحقق لابتنائه على الالتفات لكن المعلوم من حاله انه لو التفت إلى ذلك لأراد من عبده الإنقاذ وهذه الحالة وان لم يكن طلبا فعليا الا انها تشترك معه في الآثار ولهذا نرى بالوجدان في المثال المذكور انه لو لم ينقذ العبد ابن المولى عد عاصيا ويستحق العقاب.
ومنها اتفاق أرباب العقول كافة عليه على وجه يكشف عن ثبوت ذلك عند العقل نظير الإجماع الذي ادعى في علم الكلام على وجود الصانع أو على حدوث العالم فان اتفاق أرباب العقول كاشف قطعي إجمالا عن حكم العقل فلا يرد على المستدل ان المسألة لكونها عقلية لا يجوز التمسك لها بالإجماع لعدم كشفه عن رأي المعصوم لأن الإيراد متوجه لو أراد من الإجماع المستدل به عليه الإجماع الاصطلاحي اما على الوجه الذي قررناه فلا مجال للإيراد هذا ولكن الشأن في إثبات مثل هذا الاتفاق