المصنف (قده) من أحد البحثين إلى البحث الاخر قد وقع على سبيل الخلط قوله لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس:
اعلم أن في المقام خلافا بين الاعلام فذهب المشهور ومنهم المصنف (قده) إلى أن الإرادة هي عنوان للصفة النفسانية المعبر عنها بالشوق المؤكد ومباديها هو خطور الشئ والميل أعني به هيجان الرغبة إليه والتصديق بفائدته والجزم والعزم وذهب آخرون إلى انها العلم بالصلاح وإدراك النفس ملائمة الفعل لها مع عدم المزاحم لتلك الملائمة أعني به عدم جهة أخرى منافرة اما في نفس الفعل أو فيما يلازمه منافرة غالبة على جهة الملائمة أو مساوية لها اما الجهة المندكة المغلوبة فلا تزاحم ما في الفعل من الملائمة وينحصر مبادئ الإرادة على هذا القول في تصور الشئ فقط إذ ليس في النفس صفة أخرى تكون من مبادئ الإرادة غيره والحاصل ان الإرادة المحركة للعضلات عنوان للعلم المزبور (والظاهر عندي) هو هذا القول وانه ليس وراء العلم بالصلاح شئ يكون هو المؤثر في صدور الفعل الاختياري نعم ليس مطلق العلم بالصلاح مؤثرا في صدور الفعل كما هو ظاهر بل المؤثر منه هو الذي لا يكون مزاحما بالعلم بالفساد من جهة أخرى فمرادنا من أن الإرادة هو العلم بالصلاح خصوص العلم بالملامة والصلاح التام الخالي عن الفساد نعم الفساد المستهلك المندك في جنب الصلاح لا يكون مانعا عن تأثير العلم بالصلاح واما ما يرى من انفكاك العلم بالصلاح عن التأثير في حصول الفعل فإنما هو من جهة عدم كون ذلك العلم علما بالصلاح التام الخالي عن المزاحم ولو كانت المزاحمة ناشئة من مشقة الفعل وكلفته على النفس بحيث لا يكون صلاحه داعيا ومحركا إلى اختياره على ما هو عليه من المشقة ولولا ذلك لكان العلم مؤثرا في حصول الفعل لا محالة والحاصل ان الإرادة هي العلم بالصلاح الخالي عن المزاحم ومقدمتها تصور الفعل إذ بعد هذا التصور اما ان يحصل العلم بالصلاح التام بإدراك النفس ملائمة الفعل ملائمة فعلية فذاك هو الإرادة واما ان لا يحصل فلا إرادة هناك وان تحقق في مورده العلم بالصلاح الناقص أعني به الصلاح المزاحم ولم يكن الفعل ملائما للنفس ملائمة فعلية على ما هو عليه من الجهات قوله والميل وهيجان الرغبة إليه:
قد عرفت ان الميل وهيجان الرغبة أمر واحد قوله وكذا الحال في سائر الصيغ الانشائية:
لا يخفى ان البحث في المقام انما كان في تعيين مدلول كل من لفظي الطلب