تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٤

____________________
على ما كانت عليها من جهالة حكمها.
وتوجيهه: أن المراد بالأمر هاهنا صيغة " اسجدوا " بدليل تقدمها عليه، مع فقد ما يكشف عن صدور طلب آخر منه تعالى سواها.
وأورد عليه: بأن إطلاق " الأمر " عليها مبنى على إرادة الوجوب عنها، وهو أعم من أن يكون من جهة دلالتها عليه بالوضع أو بواسطة القرينة.
ويدفعه أولا: ظهور سياق الآية في عدم اقترانها بالقرينة، فإنه لو كانت دلالتها على الوجوب بواسطة القرينة لما أطلق عليها " الأمر " مجردا عنها.
فإن قلت: إن ذلك إنما يتجه على مذهب من يجعل " الأمر " من مقولة الألفاظ عبارة عن الصيغة، وأما على ما اخترته من كونه من قبيل المعاني عبارة عن الطلب بأي آلة تحقق فلا، لكون المراد به حينئذ الطلب الحتمي الصادر من العالي وهو أعم من كونه مستفادا عن الصيغة بالوضع أو عنها مع ضميمة القرينة.
قلت: إطلاق " الأمر " في الآية على هذا المعنى إنما هو من جهة استفادته عن صيغة " اسجدوا " فلو كان لغيرها أيضا مدخلية في إفادته لذكر معها، لكون آلة حصوله على هذا التقدير هو المجموع من حيث هو، ولا يخفى أنه مما ينافيه إطلاق الآية، ولا يستقيم ذلك إلا مع الالتزام بكون الصيغة بنفسها آلة لحصوله وهو المطلوب.
وثانيا: أن في أصالة عدم القرينة أو الالتفات إليها على تقدير وجودها منضمة إلى الصيغة كفاية في اندفاع ذلك الاحتمال، والقول بأنها معارضة بأصالة عدم دلالة الصيغة على الوجوب مما لا يرتاب في فساده، فإن دلالتها عليه أمر متيقن وإنما الشبهة في أنها هل دلت عليه بالوضع أو بالقرينة فكيف يقال بتعين الثاني بأصالة عدم الأول، مع أنه معارض بالمثل.
والمناقشة فيها أيضا: بأن مجرد الأصل لا حجية فيه لدوران الأمر فيه مدار الظن، مسلمة إلا أنها في محل البحث ليست في محلها، لكونه بملاحظة سياق الآية مع قرائن أخر مفيدا للظن فيكون حجة.
وأما ما ذكره بعض المحققين (1) في دفع الإيراد: من أن المراد بلفظ " الأمر " هناك هو الصيغة، والذم على مخالفتها يدل على استعمالها في الوجوب، والأصل في الاستعمال

(1) وهو المدقق الشيرواني (رحمه الله) في حاشيته المتعلقة بالمقام - المعالم: 40.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 67 70 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»