تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٦٢

____________________
احتجاج هذا القول الإشارة إلى دقيقة تفطن بها بعض مشايخنا - دام ظله - وهي أن هذا القول من أي قائل كان يستلزم القول بوجوب الأسباب أيضا، وذلك بثلاث مقدمات:
الأولى: وضوح أن الوجوب المتنازع فيه الذي هو من جملة الأحكام الشرعية لابد وأن يكون من عوارض أفعال المكلف لا من عوارض أحواله.
والثانية: وضوح أن شرط الشيء لابد وأن يكون معه على سبيل الاستمرار بمعنى كونه مقارنا له بجميع أجزائه وموجودا (1) معه من بدايته إلى نهايته.
والثالثة: أن بعضا من الشروط ما يكون من مقولة الأفعال كالاستقبال ونحوه، وبعضا منها ما يكون من مقولة الأحوال كالطهارة التي هي أثر حاصل من الوضوء أو الغسل بالضم والفتح.
والرابعة: أن الوضوء والغسل بالضم والفتح ليست شروطا للصلاة من جهة عدم استمرارها ولا مقارنتها لها، بل هي أسباب لما هو شرط وهو الطهارة التي هي حالة في المكلف أو بدنه أو لباسه، فالقائل بوجوب المقدمة إذا كانت شرطا لا يستقيم منه ذلك القول إلا مع القول بوجوب الأسباب أيضا، أو تخصيص قوله بما يكون من مقولة الأفعال، وإلا لزم أن يقول بوجوب الشرط حتى ما كان من مقولة الأحوال.
وقد عرفت أن الحكم الفرعي لا يتعلق بالأحوال، ولما كان التخصيص المذكور غير معهود من هذا القائل حيث لم يصرح به في كلامه ولا في كلام غيره، فلا جرم يتعين التزام التعميم بالنسبة إلى الأسباب أيضا من غير فرق بين الشرعية منها كالوضوء والغسل بالضم لطهارة المكلف عن الحدث وبالفتح لطهارة بدنه أو ثوبه عن الخبث، وبين العقلية منها كإحراق موضع النجاسة من الثوب أو قطعه بالمقراض ونحوه تحصيلا للطهارة، فيندفع بذلك المحذور المشار إليه، إذ معنى وجوب الشرط الذي هو من مقولة الأحوال حينئذ وجوب أسبابه التي هي من مقولة الأفعال، كما ظهر منه أن النسبة بين هذا القول على التقدير المذكور وما تقدم من القول بالفرق بين الأسباب وغيرها عموم مطلق، لأن هذا القائل يقول بوجوب الأسباب مع شيء زائد وهو الشرط الشرعي، فيكون ذلك القول أخص مما تقدم.

(1) والوجه في ذلك أن ذلك مفهوم من الشرطية الثابتة له لا أنه أمر زائد ثابت بدليل خارج، فإن شرط الشيء ما يكون قيدا له، ومن البين أنه ليس عبارة عن بعض أجزائه ليعتبر المقارنة لذلك البعض، بل هو عبارة عن المجموع فلابد وأن يكون القيد ثابتا للمجموع وهو معنى المقارنة وليس كذلك الجزء على ما هو من مقتضي الجزئية لأن الجزء عبارة عن بعض الشيء فلا يجري فيه اعتبار المقارنة كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
(٥٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 535 536 537 556 562 563 568 575 582 590 ... » »»