تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥١٠
الملازمة: أنه مع انتفاء الوجوب - كما هو المفروض - يجوز تركه. وحينئذ فإن بقي ذلك الواجب واجبا لزم تكليف ما لا يطاق؛ إذ حصوله حال عدم ما يتوقف عليه ممتنع. وإن لم يبق واجبا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا. وبيان بطلان كل من قسمي اللازم ظاهر.
____________________
هو صحيح، ومنها ما هو مزيف، ولنقدم الصحيح منها، وهو على ما ذكره جمع من الفحول مع ما وصل إليه بالنا الفاتر وجوه:
الأول: الجزم الضروري بأن من خاطب عبده أو غيره ممن له صلاحية التكليف، وقال:
" بأني أطلب منك شراء اللحم مثلا طلبا حتميا ولكني أرضى بأن تمشي إلى السوق أو لا تمشي " لنسبه العقلاء إلى سخافة الرأي ورموه بقلة العقل، والسر في ذلك أن الرضاء بترك المقدمة وفعلها معا مع العلم بكونها مما لابد منها وأنه لا طريق إلى ذيها سواها في معنى الرضاء بترك ذيها وفعله، وهو مما لا يكاد يجتمع مع طلب فعله الحتمي عقلا، فإظهاره بعد الطلب المذكور لا يصدر إلا ممن لا رأي له ولا عقل، وهو آية الوجوب إذ لا نعني بالوجوب إلا ما لا يصح الرضاء بتركه ممن يوجبه.
الثاني: قضاء الوجدان في إيجاب كل شيء بأن بين الآمر ومقدمة مطلوبه نسبة وارتباطا لو التفت إليها وإلى تلك النسبة، وهي كونها مما لابد منها لأداء مطلوبه وطريقا إلى الوصول إليه لأرادها فعلا وطلبها تفصيلا على حسب إرادته وطلبه لمطلوبه، فانتفاء الإرادة الفعلية والطلب التفصيلي إنما هو لانتفاء الالتفات التفصيلي إلى تلك النسبة، لا لملازمة عدم الوجوب للمقدمة فلذا تراه عند الالتفات مصرحا بطلبها تصريحه بطلب ذيها جامعا بينهما في الطلب والإلزام قائلا عند الأمر باشتراء اللحم أو الكون على السطح: " ادخل السوق واشتر اللحم، وانصب السلم وكن على السطح " فنجد أن النسبة بينه وبين المقدمة عند التصريح بطلبها هي النسبة بينه وبينها عند عدمه من غير فرق بينهما إلا في الالتفات وعدمه.
لا يقال: إن ذلك تفصيل في وجوب المقدمة مبني على الالتفات وعدمه وهو خارج عما بين أقوال المسألة منفي باتفاق أصحابها.
لأنا نقول: إن الوجوب الشأني والطلب الإجمالي ثابت على جميع التقادير وهو كاف في ثبوت وجوب المقدمة بالمعنى المتنازع فيه على ما سنقرره.
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 508 509 510 522 524 527 531 532 ... » »»