تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٢٢
وأيضا، فإن العقلاء لا يرتابون في ذم تارك المقدمة مطلقا. وهو دليل الوجوب *.
والجواب عن الأول، بعد القطع ببقاء الوجوب: أن المقدور كيف يكون ممتنعا * *؟ والبحث إنما هو في المقدور، وتأثير الايجاب في القدرة غير معقول.
والحكم بجواز الترك هنا عقلي لا شرعي؛ لأن الخطاب به عبث، فلا يقع من الحكيم. وإطلاق القول فيه يوهم إرادة المعنى الشرعي فينكر. وجواز تحقق الحكم العقلي هنا دون الشرعي يظهر بالتأمل.
وعن الثاني: منع كون الذم على ترك المقدمة، وإنما هو على ترك الفعل المأمور به، حيث لا ينفك عن تركها.
____________________
* ولما كان المصلحة الكامنة في المقدمة غيرية ناشئة عن كونها موصلة إلى الغير ومفضيا تركها إلى ترك ذلك الغير فلا جرم يكون الذم الوارد على ذلك الترك وارد عليه من حيث إفضائه لا لذاته، وهذا هو المقصود من الاستدلال وإن قصرت عبارته عن إفادته.
فالاعتراض عليه: بأنه لو صح ذلك لقضى بالوجوب النفسي دون الغيري ليس في محله، كما أن ما في كلام المصنف من منع كون الذم على ترك المقدمة وإنما هو على ترك الفعل المأمور به ليس على ما ينبغي، كيف ولا يستريب ذو مسكة أن الذم إنما يتعلق بترك المقدمة نفسها، تقدم زمان فعلها على زمان الفعل المأمور به أو قارنه.
ومما يفصح عن ذلك أنه لو اعتذر التارك للمقدمة عند توجه الذم إليه بعدم تمكنه من الفعل بدون مقدمته لاعترضوا عليه بقولهم: " لم تركت المقدمة حتى لا يتمكن من الفعل؟ " وهو توبيخ لا موقع له إلا مواضع الذم، مع أن القوة العاقلة مستقلة باستحقاق التارك للمقدمة للذم كاستقلالها باستحقاق الآتي بها للمدح ومعه لا مجال إلى إنكار ذلك.
نعم يرد عليه: أن الذم ربما يترتب على الشيء من جهة تفويت ما له من الخاصية وإن لم يكن واجبا، كما أن ترتب المدح ربما يتعلق به من جهة تحصيل الخاصية وإن كان مباحا كما لا يخفى على المتدبر، فليس في كل ذم دلالة على الوجوب.
نعم الذم البالغ إلى حد يكشف عن استحقاق العقاب ملزوم للوجوب، وهو في المقام ليس بهذه المثابة ولا سيما بملاحظة ما قدمنا تحقيقه مرارا.
* * قد عرفت بما ذكرناه من الوجوه الثلاث في توجيه تلك العبارة أنها مسوقة لمنع الملازمة.
(٥٢٢)
مفاتيح البحث: المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 508 509 510 522 524 527 531 532 533 ... » »»