تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٢٤

____________________
الحكيم وهو القبح العقلي الغير الجائز عليه لدلالة الأدلة القاطعة من العقل والنقل عليه على ما هو من مقتضى القواعد العدلية الخارجة في رد الأشاعرة القائلة بجواز التكليف بالممتنع.
فإن أدلتهم الناهضة على ذلك عامة تشمل كلا من الامتناع الذاتي والامتناع العرضي الناشئ عن اختيار المكلف أو غيره، كما لا يخفى على من لاحظ وتأمل فيها جيدا.
وإن شئت حقيقة ذلك فلاحظ العقلاء في ذمهم من يخاطب المشلول ويأمره بالقيام أو المشي فيضربه لأجل عدم امتثاله، فإنهم لا يزالون يذمونه على كل من الخطاب والضرب، ولا يتأملون في توبيخه حتى يستفصلوا عن سبب صيرورته مشلولا فيتركوه على شأنه إن كان ذلك بسبب من قبله اختيارا، وإلا فبادروا على ذمه وتوبيخه إن كان بسبب من الله أو من غيره اضطرارا، بل يبادرون ابتداء على ذمه ورميه بالسفاهة وقلة العقل من غير استفصال.
فلذلك ترى بعض المحققين (1) حيث التزم في توجيه عبارة المصنف بما ذكر مستشهدا بالقضية المذكورة - حسبما تقدم كلامه - تنبه على ذلك في قوله: " لا يقال: بعد تحقق الامتناع عليه بأي جهة كانت يقبح على الحكيم طلب حصول الفعل وإيجاده منه " فأشكل عليه الأمر ولكنه تفصى عنه بما لا يكاد ينضبط حيث قال: " بأن أوامر الشارع للمكلفين ليس على قياس أوامر الملوك والحكام الذين غرضهم حصول نفس الفعل ودخوله في الوجود لمصلحة لهم في وجوده حتى إذا فات وامتنع حصوله كان طلبه عبثا وسفها، بل أوامر الشارع من قبيل أوامر الطبيب للمريض بأن اللائق بحاله كذا، وإن فعل كذا كان أثره كذا، وإن فعل خلافه كان أثره خلافه، وهذا المعنى باق في جميع المراتب لا ينافيه عروض الامتناع بالاختيار للفعل، إذ بعد ذلك أيضا يصح أن يقال: إنه فات عنه ما هو اللائق بحاله ويترتب على ذلك الفوت فوت الأثر الذي كان أثره، وليس معنى كونه مكلفا حينئذ إلا هذا " انتهى. ولا يخفى ما فيه من الوهن.
أما أولا: فلبطلان قياس أوامر الشارع على أوامر الطبيب، لما هو المحقق في محله من أن أوامره ليست من باب أوامر الطبيب لتكون إرشادية صرفة وبيانا لمصلحة المأمور وخاصية المأمور به التي هي مصلحة للمأمور ولا من باب أوامر الملوك والموالي بالنسبة إلى خدامهم وعبيدهم لتكون مولوية صرفة وطلبا لتحصيل المصلحة العائدة إليهم خاصة دون المأمورين، بل هي مشتملة على كل من تلك الجهتين معا، وعلى ذلك فلا وجه

(1) سلطان العلماء.
(٥٢٤)
مفاتيح البحث: سلطان العلماء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 508 509 510 522 524 527 531 532 533 535 ... » »»