تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٧٠

____________________
فلو سلم فالمناقشة المذكورة مناقشة في المراد من السبب في محل النزاع لا المراد منه في التحديد وبينهما بون بعيد، فلا تعلق لها بما اعتبر في الحد أصلا لجواز أن يكون حد السبب مأخوذا فيه ذلك، ولكن لم يكن هذا المعنى من السبب محلا لكلامهم.
والمفروض أن ما ذكر من الحد تحديد له من حيث كونه سببا مصطلحا عند القوم، لا من حيث كونه محلا لكلامهم في تلك المسألة كما لا يخفى (1).
ومن هنا يندفع أيضا ما أورده عليه في آخر هذا الكلام من أنه إن أراد بالاستلزام دوام الاستلزام لم يتناول الناقص، وكذا إن أراد الاستلزام من حيث هو الذات كما هو الظاهر من لفظ الحد، لامتناع تخلف ما بالذات عن الذات على ما تحقق في محله.
وإن أراد الاستلزام في الجملة دخل الشرائط أيضا، لأنها قد تستلزم ذلك إذا أخذت بشرط المقارنة لغيرها من تتمة العلة.
فإن المراد من الاستلزام دوامه شأنا لا فعلا، فيشمل ما رامه من السبب وهو الناقض على مصطلح أرباب المعقول والتام على مصطلح الأصحاب، مع أنه لو أراد الاستلزام في الجملة لما دخل الشرائط أيضا بقرينة لفظة " من " الواقعة في الحد، فإنها ظاهرة في الاستناد على سبيل الاستبداد ولا شيء من الشروط بهذه المثابة ولو كان هو الشرط الأخير، وإنما يستند لزوم الوجود إلى وجود المجموع من حيث المجموع.
فالأولى في تحديد السبب - على مصطلحهم - الاقتصار على القضية الأولى مع اعتبار قيد " لذاته " فيها، ولو أبدل ذلك بالشأن واعتبر في جنس الحد فيقال: " ما من شأنه أن يلزم من وجوده الوجود " لكان أسد، هذا كله في تحديد السبب بحسب عموم اصطلاحهم.
وبقى الكلام في بيان مرادهم منه في ذلك المقام، ومراد من فصل بينه وبين غيره من المقدمات في اقتضاء الوجوب أو جعل الأمر بالمسبب أمرا بالسبب، فلا ينبغي التأمل في أن المراد به ليس إلا المقتضي وهو السبب التام الصالح لمجامعته مع الموانع، ضرورة أن من قال بالوجوب في السبب دون غيره من المقدمات لا يقصد به مجموع المقدمات من حيث المجموع، فلا يناسب إرادتها منه لمقابلته للشرط والجزء وكذلك عدم المانع، لدخول الجميع على هذا التقدير في العلة التامة فلا معنى لجعله قسيما لها، بل يكون ذلك قولا

(1) واعلم أن المراد بالسبب التام على مصطلح الأصحاب إنما هو المقتضي التام، ومن البين أنه يجامع وجود المانع عن التأثير من انتفاء شرط من شروطهما ووجود مانع من موانعه كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 360 362 363 367 370 371 373 376 377 378 ... » »»