تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٧١

____________________
بالوجوب على الإطلاق فلا وجه لعده تفصيلا في المسألة، هذا إذا أريد بالعلة التامة ما يكون مركبا من الأجزاء والشروط وارتفاع الموانع، وأما لو أريد بها ما يكون أمرا واحدا بسيطا فيرده:
أنه ليس في أفعال المكلفين ما يكون علة تامة للحكم أو موضوعه لكثرة ماله من الشروط والموانع، بحيث يخرج بانتفاء واحد من الأولى أو وجود شيء من الثاني عن كونه علة تامة مع أنه مقدمة عندهم وسبب في عرفهم، كالبول في مقابلة وجوب الطهارة فإنه سبب مع أنه ربما لا يوجب وجوب الوضوء إذا اقترن بوجود مانع كالسلس (1) ونحوه.
ومما تقرر تبين أن ليس المراد بالسبب هاهنا ما كان سببا لحكم شرعي كالملك، والإتلاف، واليد، والزنا، والدلوك، والغروب، والفجر، والبلوغ، والحدث والالتقاط، والحيازة، وإحياء الموات، ونحو ذلك في سبب جواز الانتفاع، ووجوب الضمان، ووجوب الحد، ووجوب الفريضة، ووجوب الطهارة، وحصول الملك، بل المراد به ما كان سببا لموضوع الحكم الشرعي فلذا يعبر عنه بمقدمة الوجود كالصيغة والوضوء والغسل والتيمم للعتق والطهارة الواجبين، ومثله التدرج من السلم للكون على السطح إذا صار واجبا، والنظر في المقدمتين للعلم الواجب.
والفرق أن الأمور الثلاث الأول أسباب شرعية والرابع سبب عادي والخامس سبب عقلي.
ومن هنا تبين أن ما عن قواعد الشهيد من تحديد السبب بكل وصف ظاهر منضبط يناط به الحكم الشرعي وجودا وعدما، أو كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل على كونه معرفا لإثبات حكم شرعي بحيث يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم - على ما حكاه بعض الأعاظم - لا ينطبق على ما هو من موضوع بحث تلك المسألة. ولو رام به تحديد مطلق السبب.
يرد عليه: مع اشتماله على قيد زائد وتطويل بلا طائل، انتقاض عكسه بخروج ما هو سبب لموضوع الحكم بجميع أنواعه الثلاث، كما تبين أنه لا وقع لما عساه يورد من أن العلل الشرعية معرفات - أي علل لحصول العلم بالشيء لا وجوده، وبعبارة أخرى علل للإثبات والتصديق لا الثبوت والوجود فلا يصح أن يقال: هو ما يلزم من وجوده الوجود، وإنما يصح أن يقال: ما يلزم من وجوده العلم بالوجود، لأن ذلك لو صح لتم في أسباب

(1) كذا، والظاهر: السلس.
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 362 363 367 370 371 373 376 377 378 379 ... » »»