تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٨٢
لنا: أن المتبادر من الأمر طلب إيجاد حقيقة الفعل *،
____________________
ثم إنه على تفسير المرة لا بشرط بالدلالة على عدم المطلوبية فواضح، وعلى تفسيرها بالسكوت فمبنى على التعميم في جنس مفهوم البدعة بتفسيرها بإدخال ما ليس من الدين.
لأن المرة التعددي تستلزم التحريم وترتب العقاب على فعل ما زاد على جميع الأحوال بخلاف المرة لا بشرط مطلقا، لاختصاص التحريم والعقاب فيها ببعض الأحوال، كما يظهر بالتأمل في القيود المعتبرة في البدعة، ومن المعلوم أنها الموافق للأصل لا ما يقابلها.
ومنها: الدوران بين وجهي المرة التقييدي، ولا أصل في البين يقتضي رجحان إحداهما إلا على تقدير كون النهي فيما يكون منهما الزائد فيها منهيا عنه مستلزما للعقاب زيادة على إفضائه إلى فوات الامتثال بالمرة الأولى، بناء على فرضه نفسيا نظير شرب الخمر حال الصلاة، فالأصل حينئذ براءة الذمة عن ذلك العقاب، إلا أنه على التقدير الآخر ليس بينهما، فرق فاحش ليكون منشأ لوقوع التعارض بينهما فالفرق حينئذ لفظي.
ومنها: الدوران بين المرة التقييدي بكلا الوجهين والمرة التعددي، والأصل فيهما المرة التقييدي لأصالة الاشتغال واستصحاب الحال، بعد اشتغال أصالة البراءة عن وجوب الاجتناب بمعارضة أصالة البراءة عن شرطية أو جزئية ترك الزائد للمأمور به، الموجب لحصول التساقط بينهما.
* ولا يخفى أن بذلك تم الاحتجاج، ومحصله: التمسك بالتبادر الكاشف عن الوضع كما في كلام الجمهور من أهل هذا القول، وهو في محله لا غبار عليه، ولكن لما كان التبادر من الأمارات العرفية الغير الصالحة بمجردها لإثبات الحكم في غير العرف من الشرع واللغة فينبغي أن ينضم إليه أصالة عدم النقل، القاضية بتسري الحكم إليهما أيضا ليتم الاستدلال ويثبت المدعى بتمامه، كما هو الحال في نظائر المقام، وإنما لم يتعرض المصنف لذكره تعويلا على وضوحه، أو على سبق التنبيه على توقف تتميم الاحتجاج بكل تبادر على ذلك في الاحتجاج على كون الصيغة للوجوب.
وبما قررناه تبين أنه لا وقع لما قيل (1) في الفرق بين هذا التقرير والتقرير الآتي من: أنه ادعى في الأول كون مدلول الصيغة هو طلب حقيقة الفعل، وأن حقيقة الفعل يخرج عنها المرة والتكرار بدون الاستدلال عليه، فكأنه ادعى البداهة فيه.

(1) القائل هو المدقق الشيرواني (منه).
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 169 170 171 178 182 183 185 186 187 188 ... » »»