تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٧٠

____________________
- الأمر الثاني - اختلف القائلون بكون الأمر لطلب الماهية في كون ما زاد على المرة الأولى من الثانية والثالثة امتثالا وعدمه، على أقوال:
أحدها: كونه امتثالا، وهو ظاهر المصنف فيما ذكره ردا على حجة القائل بالمرة، والمحكي عن العضدي والتفتازاني.
وثانيها: العدم، وهو لجماعة من المحققين منهم بعض الأعلام، وبعض الأعاظم، وابن عمنا السيد قدس الله روحه (1).
وثالثها: التفصيل بين ما لو وجد الأفراد دفعة أو على التعاقب، فعلى الأول يحصل الامتثال بالجميع وعلى الثاني لا امتثال إلا بالمرة.
حجة الأولين: شهادة العرف بأن الصيغة إذا كانت للقدر المشترك بين المرة والتكرار - وهو طلب الحقيقة - فلا جرم يحصل الامتثال بأيهما اتفق.
وأورد عليه تارة: بأنه بعد الإتيان بالطبيعة في ضمن المرة يتحقق أداء المأمور به قطعا فيحصل الامتثال، وهو قاض بسقوط الأمر، ومع سقوطه لا مجال لصدق الامتثال ثانيا وثالثا.
وقد يعلل ذلك: بأن الامتثال عقيب الامتثال مع وحدة الطلب غير معقول، لأدائه إلى تحصيل الحاصل.
وأخرى: بأن الامتثال بما زاد على المرة مبني على تعلق الأمر به إما إيجابا أو ندبا، فيلزم إما القول بالتكرار أو استعمال الأمر في الحقيقة والمجاز، وكلاهما فاسدان.
ولا يخفى ما فيه من عدم صلوحه ردا في هذا المقام، لتمكن الخصم عن دفعه باختيار كل من الشقين، ويقول: إن التكرار عند أصحاب القول به ما كان مدلولا للفظ ناشئا عن الوضع، وما التزمنا به من الامتثال الوجوبي فيما زاد على المرة إنما هو من مقتضيات العقل بعد دلالة اللفظ على طلب أصل الطبيعة، بملاحظة أنها لا توجد في الخارج إلا في ضمن الفرد، فكما أنها توجد في ضمن واحد من أفرادها فكذلك توجد في ضمن متعدد منها، فلابد من الإتيان بأحدهما مقدمة لإيجادها الذي هو المأمور به، وبين المقامين بون بعيد.
وإن طريق إفادة الأمر كلا من الوجوب والندب غير منحصر في الاستعمال فيهما بالخصوص بما هو غير جائز أو مرجوح حتى يلزم المحذور، لجواز تعلق الإرادة بما هو

(1) والمراد منه هو صاحب الضوابط (قدس سره).
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 161 162 169 170 171 178 182 183 185 ... » »»