تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
أعني المصدر، كالقليل والكثير؛ لأنك تقول: اضرب ضربا قليلا، أو كثيرا، أو مكررا، أو غير مكرر، فتقيده بالصفات المختلفة *. ومن المعلوم أن الموصوف بالصفات المتقابلة لا دلالة له على خصوصية شيء منها * *.
____________________
و" اضرب ضربا كثيرا ".
* وتقييد الشيء بالصفات المختلفة دليل بحسب العرف والعادة على عدم مدخلية شيء من تلك الصفات في حقيقة ذلك الشيء وذاته، كما أن صحة اعتبار تلك الصفات مع اللفظ ظاهرة في كونها قيودا لمعناه الحقيقي، ظهورا كاشفا في نظر العرف عن كونه وضعا للقدر المشترك بينها، ولعله من جهة الاستقراء وتحقق الغلبة في نظائر المقام، فلا ينافيه ما يتحقق في بعض الأحيان من تقييده بصفات يرجع بعضها إلى المعنى الحقيقي وبعضها إلى المعنى المجازي كتقييد " الأسد " بالافتراس والرمي، وتقييد " الماء " بالإطلاق والإضافة.
كما أن صحة تقسيمه إلى الأقسام المتبائنة ظاهرة في نظر العرف والعادة باعتبار الاستقراء والغلبة في كونه بإزاء القدر المشترك فيها، فلا ينافيه ما في بعض الأحيان من التقسيم إلى المعنى الحقيقي والمجازي كتقسيم " الأسد " إلى المفترس والشجاع.
فما يقال: من أن تقييد المصدر بالصفات المتقابلة لا يفيد كونه حقيقة في الأعم إذ قد يكون التقييد قرينة على التجوز، فصحة التقييد بالقيدين دليل على جواز إرادة الأعم وصحة الإطلاق عليه وهو أعم من الحقيقة - كما في الهداية - فهو مناقشة في غير محلها، إذ الحكم مبني على الظاهر والغالب، ولا ينافيهما الاحتمال المرجوح النادر.
نعم ربما يقدح ذلك فيما ادعاه المصنف من القطع بالدعوى بمجرد تلك القاعدة كما لا يخفى، من غير أن يقدح في أصل الحكم المبتنى على الظن والظهور، لكون موضوعه مما يدور وجودا وعدما على الظنون الاجتهادية والظهورات العرفية.
ولو اعتبر في الاحتجاج مقدمة أخرى بأن يقال: إن المصدر يصح تقييده بالصفات المتقابلة من دون انفهام تعارض ولا تأكيد، لارتفعت تلك المناقشة أيضا، وأفادت القضية المشتملة على التقييد القطع بالمطلوب كما لا يخفى، ولعلها مطوية في كلام المصنف.
ويمكن أن يراد بالقطع [القطع] العرفي الغير المنافي لاحتمال الخلاف الموجب لرفع الحاجة إلى التوجيه المذكور.
* * والسر في ذلك ما هو المعروف في الألسنة من قضية قولهم: " العام بمجرده
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 182 183 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»