الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٢٤٧
في القول ولا يظهر لتحقق الخلاف قبل تمكنه من الظهور أو حاله و ربما أمكن التمسك في نفي الاحتمالين الأخيرين بالأصل لكن يكون الاجماع معه ظنيا لا قطعيا ويلزم على طريقة الشيخ أمور منها أنه إذا قال بعض الأصحاب واحدا كان أو أكثر بقول لمستند اجتهادي و تحققت هناك الشرائط المعتبرة ثم انكشف له فساد المستند المذكور لزمه وجوب البناء على الحكم السابق والقطع به بحسب الواقع و إن لم يكن مفاد الدليل السابق إلا الظن به أو مجرد ثبوته في الظاهر إذ فساد الدليل لا يوجب فساد الدعوى والامر الأخير لازم على تقدير عدم انكشاف فساد الدليل أيضا ومنها وجوب حفظ أقوال علماء العصر وحصرها وضبطها كحفظ الاخبار صونا للدليل القطعي عن الاضمحلال والانعدام ومنها عدم جواز الحكم والفتوى عند إمكان البحث والاطلاع على آراء علماء العصر إلا بعد البحث و الاطلاع لئلا يخالف الدليل القطعي أو يعدل مع التمكن منه إلى الظني ولأن ذلك من جملة الأدلة فلا بد من الفحص عنه كما يجب عن غيره ولا خفاء في أن الالتزام بهذه اللوازم لا يخلو من بعد تسليم أصل الطريق الثالث وهو الطريق المعزى إلى معظم المحققين أن يستكشف عن قول المعصوم باتفاق علمائنا الاعلام الذين ديدنهم الانقطاع إلى الأئمة في الاحكام وطريقتهم التحرز عن القول بالرأي ومستحسنات الأوهام فإن اتفاقهم على قول تسالمهم عليه مع ما يرى من اختلاف أنظارهم وتباين أفكارهم مما قد يؤدي بمقتضى العقل والعادة عند أولي الحدس الصائب والنظر الثاقب إلى العلم بأن ذلك قول أئمتهم و مذهب رؤسائهم وأنهم إنما أخذوه منه واستفادوه من لدنهم إما بتنصيص أو بتقرير وهذا إنما يكشف أولا عن قول المعصوم الذي إليه مرجع فتاويهم وأقوالهم واحدا كان أو أكثر ويكشف عن قول الباقين وعن قول الرسول صلى الله عليه وآله وعن قول الله بواسطة القواعد العقلية والنقلية القاضية بأن علومهم مستفادة من علم النبي صلى الله عليه وآله وعلمه صلى الله عليه وآله مستفاد منه تعالى ثم قد يستقل هذه الطريقة بالاستكشاف وذلك إنما يكون غالبا حيث يكون الحكم على خلاف الأصول الظاهرية المسلمة عريا عن الشواهد الاعتبارية وقد يحتاج إلى انضمام شواهد خارجية و مؤيدات تقريبية من الآثار والاخبار ولا اختصاص لهذه الطريقة بالاستكشاف و ذلك إنما يكون غالبا حيث يكون الحكم على خلاف الأصول الظاهرية عن قول المعصوم بل قد يستكشف بها عن قول بقية الرؤساء المتبوعين فإنه قد يعرف مذاهبهم وآرائهم من اتفاق أتباعهم الذين طريقتهم عدم التخطي عن جادتهم وترك الانحراف عن طريقتهم بل لا حاجة في الاستكشاف بهذه الطريقة إلى العلم باتفاق الكل بل قد يستكشف باتفاق جماعة من الخواص الموصوفين بالأوصاف المقررة لا سيما إذا كانوا من أصحابهم كزرارة وأبي بصير ومحمد بن مسلم وأضرابهم ثم الاستكشاف بهذه الطريقة يقع على وجوه الأول أن يستكشف بها عن قوله الواقعي وذلك حيث ينتفي في قوله دواعي التقية والاتقاء ويسلم عن شبه الخفاء والتأويل ومنه اتفاقهم على عدم انفعال الكر بالملاقاة وانتفاء العول في الميراث وأمثال ذلك ولا يقدح الاعتضاد ببعض الشواهد الخارجية من الاخبار والآثار إذ المراد بكون الاتفاق كاشفا أن يكون له مدخل في الكشف كما مر نظيره في مسألة التواتر واعترض على هذا الوجه بوجوه منها أن هذه الطريقة لا تجري إلا في القطعيات من غير طريق الاجماع ولا حاجة فيها إلى التمسك به وهذا ضعيف لان الوجدان في الفقيه لا يساعد عليه نعم هذه الطريقة قليلة الوقوع لكن ذلك لا يوجب إهمالها بل لا بد من تعميم العنوان بحيث تندرج فيه ومنها أن هذه الطريقة لا تبتني على القاعدة الكلامية المختصة بالامامية التي عليها مبنى حجية الاجماع عندهم بل على مقتضى العقل والعادة المشتركين إن تما بين الفريقين وضعفه ظاهر لان العقل والعادة المشتركين إنما يؤثران في كشف الطريقة المذكورة لا في إثبات حجيتها بل حجيتها إنما هي باعتبار حجية القول المستكشف عنه المبنية على القاعدة الكلامية المختصة بالامامية لما نبهنا عليه من أن الكاشف عن الحجة حجة في الاصطلاح حقيقة كنفس الحجة المستكشف عنها مع أن كشفها عن رأي المعصوم أيضا قد تبتني على القاعدة الكلامية حيث يتوقف على إثبات العصمة من السهو والخطأ وعدم القول بخلاف معتقده حيث لا داعي ومنها أن الاجماع أصل من الأصول المبتنية التي عليها مبنى أكثر الأحكام الشرعية والطريقة المذكورة غير منضبطة المبنى فلا وجه لاخذها مناطا في حجيته وضعفه أيضا ظاهر لانضباط الطريقة المذكورة بالإحالة إلى الوجدان في حصول الاستكشاف بها وإن اختلف حصوله باختلاف المحصلين في قوة الحدس وكثرة التتبع والممارسة وهذا الاختلاف غير قادح بعد وضوح المبنى والمناط وإن أراد بعدم انضباط المبنى أن ليس هناك عدد معين يمكن الاستكشاف به على الاطلاق غير فهذا صائر كما في التواتر الثاني أن يستكشف بها عن قوله الظاهري وذلك حيث يكون احتمال التقية أو كون الدلالة غير جلية ومنه قول المعظم بطهارة المخالفين عدا ما استثني فإن هذا الحكم وإن قطع بصدوره عنهم عليهم السلام قولا وتقريرا نظرا إلى مصير المعظم إليه مع اعتضاده بمساعدة السيرة المستمرة لكن لا قطع بأن ذلك قولهم الواقعي ومذهبهم الذي بنوا عليه في نفس الامر لاحتمال أن يكون الداعي إليه التقية وحفظ الشيعة عن فتن العامة ويرد على هذا الوجه أيضا الشكوك المتقدمة على الوجه الوجه الأول ولا اختصاص لها به كما زعم وتندفع بما مر الثالث أن يستكشف بها عن وجود دليل قطعي واقعي عقلي أو نقلي متواتر أو آحاد محفوف بقرائن الصدق و الصحة فيستكشف به عن قول المعصوم الواقعي بواسطة استكشافه عن الدليل المذكور وربما يكون هناك دليل ظني فيستكشف بهذه الطريقة عن كونه قطعيا إما بتعدد الاسناد أو بانضمام قرائن قطعية المفاد وأورد على هذه الطريقة بأمور منها أنها غير منضبطة المبنى وقد نبهنا على ما فيه سابقا ومنها أنها لا تبتني على القاعدة الكلامية التي انفرد بها الامامية لان مرجعها إلى قضاء العادة وفيه نظر لأنه إن أراد عدم ابتناء كشف هذه الطريقة على القاعدة المذكورة فيه كما عرفت وإن أراد عدم ابتناء حجيتها عليها فهو إنما يتجه إذا كان المستكشف عنه دليلا عقليا أو نقليا كتابيا أو نبويا أو كان مرددا بينهما وإذا كان المستكشف عنه حديثا إماميا أو محتملا له كما هو الغالب على تقدير الوقوع توقف حجية الطريقة المذكورة على القاعدة الكلامية قطعا ووجهه واضح فلا يتم إيراده على
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»