المقام بالجنس والفصل غير مستقيم إذ الجنس لا تقوم له بدون الفصل ولا تمايز بينهما في الخارج على ما هو التحقيق بخلاف القيد و المقيد أعني الصوم ويوم الخميس فإنهما شيئان متمايزان في الخارج قطعا وفيه نظر إذ مقصود العضدي ابتناء النزاع على تمايز المطلق والمقيد في الخارج لا على تمايز القيد والمقيد فيه كما لا يخفى بل الوجه أن يبين الوجه في عدم استقامة التنظير بأن الجنس و الفصل متمايزان بحسب الحقيقة قطعا فجاز أن يتمايزا بحسب الخارج أيضا بخلاف المطلق والمقيد فإنهما متحدان في الحقيقة وإن تغايرا في اعتبار العقل بحسب وصفي الاطلاق والتقييد فإن الماهية لا تتصف بالاطلاق إلا في اعتبار العقل فلا يعقل التمايز بينهما في الخارج بل ولا في العقل إلا في مجرد الاعتبار وإلا لزم التسلسل أو عراء المقيد عن المطلق والملازمة كبطلان التالي بكلا شقيه ظاهرة هذا إذا جعل التقييد وصفا للمقيد خارجا عنه وأما إذا جعل جزا له داخلا فيه أمكن جعل التنظير باعتبار وجود التقييد في الخارج متميزا فيكون المقيد مركبا فيه وعدمه فيكون بسيطا فيه وكذا لو اعتبر في المبنى ما هو أعم من هذا التقدير والتقدير السابق ثم لا يذهب عليك أن ما ذكره العضدي والمعترض في مبنى النزاع على تقدير صحته لا يقتضي أن يكون الثاني قضاء بالمعنى الذي سبق بل واجبا مستقلا والمقصود خلافه على ما مر فصل اختلفوا في أن الامر بالشئ هل يقتضي الأجزاء إذا أتى به المأمور على وجهه أو لا ولا بد أولا من تحرير معنى الأجزاء ليتضح محل النزاع فنقول قد يطلق الأجزاء ويراد به إسقاط القضاء ولعل المراد إسقاطه على تقدير ثبوته فلا يرد على عكسه خروج مثل صحيح العيدين ولا على طرده دخول فاسدهما مع أنه لا إسقاط فيه حقيقة وإنما المتحقق السقوط وقد يطلق ويراد به إفادة الامتثال واعترض بعض المعاصرين على من حده بالمعنى الأول بأنه يوهم خلاف المقصود إذ بظاهره يدل على إرادة إسقاط القضاء فقط فيكون الفعل الغير المجزي ما لا يسقط القضاء فقط وإن أسقط الإعادة وهو فاسد لان ما لا يسقط القضاء لا يسقط الإعادة بالطريق الأولى هذا محصل كلامه وهو عند التأمل مما لا محصل له وزعم أيضا أن ما يسقط القضاء قد لا يسقط الإعادة كناسي القصر إذا تذكر بعد خروج الوقت وكذا ناسي النجاسة على القول بالتفصيل بين المقامين أقول بناء على التفصيل إن لم يتذكر في الوقت سقط عنه الإعادة والقضاء وإلا لم يسقطا عنه بل وجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه على تقدير عدم الاتيان بها كما هو الشأن في كل مقام يجب فيه القضاء فلا يثبت الانفكاك بينهما في السقوط نعم يجوز الانفكاك من الجانبين عقلا إلا أنه غير واقع شرعا إلا فيما مر وحيث يتعذر فيه الإعادة كالصوم المعين لكن لا إسقاط فيه حقيقة ثم النزاع هنا في الأجزاء بالمعنى الأول كما اتفقت عليه كلمتهم وأما الأجزاء بالمعنى الثاني فقد صرحوا بأنه لا نزاع في أن الامر يقتضيه حتى نفي الريب عنه جماعة وهذا المقال لا يخلو من شوب إجمال والتحقيق أن موافقة الامر الواقعي يوجب الامتثال بحسبه كما أن موافقة الامر الظاهري يوجب الامتثال بحسبه ولا يلزم من حصول الامتثال بأحد الاعتبارين حصوله بالاعتبار الاخر ما لم يتحد المورد وسيأتي تحقيق الكلام فيه في آخر المبحث إذا تقرر هذا فنقول ذهب الأكثرون إلى أن موافقة الامر يستلزم الأجزاء و ذهب أبو هاشم وعبد الجبار إلى أنه لا يستلزمه قال عبد الجبار فيما نقل عنه لا يمتنع عندنا أن يأمر الحكيم ويقول إذا فعلته أثبت عليه وأديت الواجب ويلزم القضاء مع ذلك هذا كلامه قوله ويلزم القضاء مع ذلك يحتمل أن يكون من تتمة الحكاية فيكون مفاده الامر بالقضاء وأن يكون عطفا على مدخول أن على أن يكون لازما من اللزوم أو متعديا من الالزام وكيف كان فالمستفاد من كلامه جواز تعلق الامر بالقضاء مع حصول الأداء والظاهر أنه أراد بالقضاء معناه المعروف في العرف من أداء الفعل بعد الوقت استدراكا لفواته فيه أو بدلا عنه فيه على ما هو المتبادر من إطلاقه ويساعد عليه قوله عندنا إذ لا نزاع لاحد في جواز الامر بالفعل وبالمثل ثم ليس في كلامه تصريح بأن الامر بالقضاء هل هو مستفاد من الامر بالأداء أو من غيره نعم ظاهر كلامه هو الثاني كما تنبه له التفتازاني ويشهد له قولهم في العنوان أن الامر هل يقتضي الأجزاء أو لا حيث جعلوا القول الاخر عدم اقتضائه الأجزاء لا اقتضائه عدم الأجزاء ومنهم من حمل دعواه على الوجه الأول زعما منه أن النزاع على الوجه الثاني يرجع لفظيا لرجوعه إلى تسميته قضاء وهو سهو إذ الاشكال في المقام إنما ينشأ من حيث كون الثاني قضاء حقيقة لا من حيث كونه مستفادا من الامر الأول إذ مرجع ذلك إلى ثبوت الوضع أو العلاقة دون العقل كما يقتضيه كلام الفريقين وحجتهم ثم الكلام هنا يأتي في مقامين الأول أن موافقة الامر الظاهري هل يوجب سقوط القضاء بالنسبة إلى الامر الواقعي أو لا الثاني أن موافقة كل من الامرين هل يقتضي سقوط القضاء بالنسبة إليه أو لا والظاهر من إطلاق المثبتين في تأدية الدعوى إثبات الوجهين معا كما أن الظاهر من إطلاق المنكرين إنكارهما معا لكن مفاد أدلتهم مختلف فإن منها ما يبتني على الأول ومنها ما يبتني على الثاني كما سنشير إليه وكيف كان فالحق في المقام الأول مع منكري الاقتضاء في القضاء بل في الإعادة أيضا فيثبت الإعادة بنفس الامر والقضاء بما دل على ثبوته على تقدير الفوات وفي المقام الثاني مع مثبتيه ونحن نذكر أدلة الفريقين ونحرر البحث فيهما على الوجهين وزعم الفاضل المعاصر أن من قال بأن الاتيان بالمأمور به على وجهه مسقط للتعبد به يريد أنه لا يقتضي ذلك الامر فعله ثانيا قضاء ومن قال بأنه لا يسقط يقول لا مانع من اقتضائه فعله ثانيا قضاء في الجملة لا دائما فالنزاع في أن الامر بالشئ هل يقتضي فعله ثانيا قضاء في الجملة أو لا لا أنه هل يجوز أن يكون معه أمر آخر يقتضي فعله ثانيا قضاء أو لا إذ لا ريب في جواز ذلك فيعود النزاع معه لفظيا لرجوعه إلى تسميته قضاء انتهى وقد عرفت مما حققناه أن هذا الكلام مما لا مساس له بمقالة القوم في المقام لان كلامهم في اقتضائه
(١١٦)