أو من جهة المتن في جواز العمل بظن المجتهد المتعلق بنفس أحكامه تعالى، ولما وصلت النوبة إلى ابن الحاجب وتفطن بان هذا التمسك يشتمل على دور بين واضح اخذ دليلا واضحا قطعيا بزعمه وهو انا نعلم بالتواتر ان الصحابة الكبار عدلوا عن الظواهر القرآنية المانعة عن العمل بظن المجتهد المتعلق بنفس أحكامه تعالى ولنا مقدمة عادية قطعية هي ان مثل هذا العدول لم يقع عن مثل هؤلاء الاجلاء الا بسبب نص صريح قطعي الدلالة سمعوه عن النبي (ص). قال وأقول: فيه بحث لان العادة قاضية بأنه لو صدر مثل هذا النص لظهر واشتهر وصار من ضروريات الدين لتوفر الدواعي على أخذه وضبطه ونشره وعدم وقوع فتنة توجب اخفاءه كما اعترفوا به. ثم قال: وحاصل المقدمة الثانية عند المصوبة من الأصوليين ان: كل ما تعلق به ظن المجتهد فهو حكم الله الواقعي في حقه وحق مقلديه، وحاصلها عند المخطئة منهم ان: كل ما تعلق به ظن المجتهد فهو حكم الله الظاهري في حقه وحق مقلديه، وقد يكون حكم الله الواقعي وقد لا يكون (1).
قال: وانما وقع المتأخرون فيما وقعوا من الاستنباطات الظنية لأنهم (2) قصدوا الاطلاع على ما هو حكم الله في الواقع ولم يكتفوا بما يكفيهم في صحة العمل، ولعدم رعايتهم القوانين الأصولية المذكورة في كلامهم عليهم السلام، وألفة أذهانهم باعتبارات عقلية أصولية ظنية حسبوها أدلة عقلية قطعية فيتحيرون في الجمع بينها وبين الأخبار الصحيحة