وأيضا فإنه على تقدير ثبوته يرجع إلى خبر ينسب إلى المعصوم اجمالا فترجيحه على الاخبار المنسوبة إليه تفصيلا كما جرت به عادة المتأخرين من الأصحاب لا وجه له.
واما ما ظن أن انتساب الخبر إليه في ضمن الاجماع قطعي ولا في ضمنه ظني فهو من بعض الظنون كيف وانما ينقل الاجماع واحد أو اثنان ولا يسند إلى زمان ظهور المعصومين ولو أسند فليس له طريق إلى القطع به لان خبر الواحد لا يفيد القطع، والمتواتر لابد ان ينتهي إلى الحس، وتحقيق الاجماع بحيث يعلم قطعا دخول المعصوم في الجملة من غير علم به بخصوصه أمر عقلي غير مخصوص كما هو ظاهر، ويستحيل عادة وقوعه في زمان الناقل بحيث يحصل له العلم به. وأيضا انه لا يبين مراده منه مع أن لفظ الاجماع يطلق على معان متعددة كما ذكره الشهيد في الذكرى، مع أنه لا حجية في شئ منها. وأيضا فان الناقلين لمثل هذا الاجماع كثيرا ما يخطؤون في هذا النقل ويختلفون فيه أكثر من اختلاف الرواة في أخبار الآحاد كما يظهر لمن تتبع مواضع نقلهم إياه وقد أفرد الشهيد الثاني رحمه الله قريبا من أربعين مسألة نقل الشيخ الطوسي فيها الاجماع مع أنه بنفسه خالف في الحكم فيها بعينه اما في كتابه ذلك بعينه أو في كتابه الاخر وذكر ان الشيخ قال في النهاية في كتاب الحدود: ان من استحل اكل الجري والمارماهي وجب قتله، وهذا دعوى الزيادة على الاجماع على تحريم أكلها مع أنه في كتاب الأطعمة من النهاية بعينه جعلهما مكروهين. قال:
وقد أفردنا هذه المسائل للتنبيه على أن لا يغتر الفقيه بدعوى الاجماع فقد وقع فيه الخطأ والمجازفة كثيرا من كل واحد من الفقهاء سيما من الشيخ والمرتضى انتهى كلامه. وكثيرا ما يقع منهم نقل الاجماع في مسألة على حكم مع نقل الاجماع على خلاف ذلك الحكم بعينه في تلك المسألة بعينها اما في ذلك الكتاب بعينه أو في غيره فضلا عن نقل الخلاف فيها مثل ما وقع من الشيخ الطوسي من نقله الاجماع على وجوب سجود التلاوة على السامع ونقله إياه على عدم وجوبه عليه أيضا ولهذا نزل الشهيد لفظ الاجماع الواقع في كلامهم على معنى الشهرة في ذلك الوقت أو عدم اطلاعهم حينئذ على المخالف أو ما يقرب من ذلك صونا لكلامهم عن التهافت فمثل هذا الاجماع ينبغي ان لا يعتمد عليه أصلا.