شيئا؟ - قلت: نعم، قال: فأين باب الرد إذا؟! فما يهمنا وهو معرفة ما نعمل به معلوم لنا، وما لا نعلمه وهو معرفة الحكم في الواقع فلا يهمنا.
ان قلت فما الحكمة في اخفاء بعض المسائل وابهامه مع أن حاجة المكلفين إليها جميعا سواء؟ - قلنا: الحكمة في أكثر الأمور الشرعية غير معلومة لنا ولكن يمكننا ان نشير ههنا إلى ما يكسر سورة استبعادك فنقول: يحتمل ان يكون الحكمة فيه ان يتميز المتقي المتدين باحتياطه في الدين وعدم حومه حول الحمى خوفا عن الوقوع فيه ممن لا تقوى له ويجترئ في الحوم حوله، ولا يبالي بالوقوع فيه، فيتفاضل بذلك درجات الناس ومراتبهم في الدين، أو يتوسع التكليف لجمهور الناس باثبات التخيير في كثير من الاحكام، وهذه رحمة من الله تعالى وبه يختلف مراتب التكليف باختلاف مراتب الناس في العقل والمعرفة، وما لا نعلم من الحكم أكثر مما نعلم.
فصل ان الضرورة لا تدعو إلى الاجتهاد بالمعنى المذكور في أحكام الله تعالى قط فضلا عن تقليد المجتهد حيا كان أو ميتا لان محكمات كتاب الله والسنة وأخبار أئمتنا عليهم السلام مضبوطة والضوابط الكلية عنهم عليهم السلام منقولة مقررة، ثم ليس معرفة الاجتهاد للمجتهد ومعرفة المجتهد للمقلد بل فهم فتاوى المجتهدين من عباراتهم بأسهل من فهم - محكمات الكتاب والسنة وأخبار أهل البيت عليهم السلام بل الامر بالعكس فان ألفاظ - الكتاب والسنة والاخبار المصححة مضبوطة وأكثر الأحاديث أجوبة لأسئلة والسؤال قرينة قوية على فهم المراد فسهل بذلك فهم مدلولاتها. واما تحصيل ما يتوقف عليه الاجتهاد من الأصول الموضوعة والصناعات المقررة ثم معرفة كيفية صناعتهم ثم الخوض في الاجتهاد لمن أراده أو معرفة المجتهد والتمييز بينه وبين المتشبه لمن أراد التقليد أو فهم - فتاويهم من عباراتهم المتناقضة ففي غاية الصعوبة لعدم انضباطها وشدة الاختلاف فيها،