عمر قال: قال أبو عبد الله (ع): (1) من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى العناء، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك، وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون. وباسناده عمن يوثق به (2) قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: ان الناس
١ - هو آخر حديث من باب من مات وليس له امام من أئمة الهدى (انظر ج ١ مرآة العقول، ص ٢٨٢) قال المجلسي (ره) في شرحه: " من دان الله اي عبد الله أو اعتقد أمور الدين، بغير سماع عن صادق اي معصوم إشارة إلى قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، والسماع أعم من أن يكون بواسطة أو غيرهما، ألزمه الله البتة في بعض النسخ بالباء الموحدة ثم التاء المثناة الفوقانية المشددة اي قطعا قال الجوهري: يقال: ما افعله بتة والبتة لكل امر لا رجعة فيه، ونصبه على المصدر، وفي بعض النسخ التيه بالتاء المثناة الفوقانية ثم الياء المثناة التحتانية، والتيه بالكسر والفتح الصلف والكبر والضلال والحيرة فهو مفعول ثان لألزمه، إلى العناء إلى بمعنى مع أو ضمن الفعل معنى الوصول ونحوه وكذا على النسخة الأولى، والمراد بالعناء اما العذاب الأخروي أو المعنى انه لا يترتب على عمله الا المشقة والعناء في الدنيا بلا اجر وثواب في الآخرة ولعل في الخبر هنا تصحيفا إذ روى الصفار في البصائر باسناده عن جابر عن أبي جعفر (ع) انه قال: من دان الله بغير سماع ألزمه الله التيه إلى يوم القيامة فلعله كان هنا أيضا كذلك فصحف (إلى آخر ما ذكره في شرح الحديث) " وقال الأمين استرابادي (ره) بعد ايراده في الفوائد المدنية (ص 120 - 119): " قد تواترت الاخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام بان المشرك قسمان أحدهما من قال بشريك له تعالى في العبادة، والاخر من قال بشريك له في الطاعة بان يقلده فيما يحل وفيما يحرم، والظاهر أن المراد في هذا المقام وفي نظائره الثاني " وصرح مثله المجلسي (ره) أيضا في شرحه فان شئت فراجع.
2 - أورده المصنف (ره) في الوافي في باب أصناف الناس (ج 1 ص 32):
" علي بن محمد عن سهل ومحمد عن ابن عيسى جميعا عن السراد عن الشحام عن هشام بن سالم عن أبي حمزة عن أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه ممن يوثق به قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: ان الناس آلوا (الحديث) قائلا بعده:
" بيان - آلوا رجعوا وصاروا، على هدى تمثيل لتمكنه من الهدى واستقراره عليه بحال من اعتلى الشئ وركبه، من الله اي اخذ هداه وعلمه من لدنه على وجه الالهام والالقاء في الروع كالأئمة عليهم السلام ومن يحذو حذوهم، معجب بما عنده من ظواهر الأقوال وصور الأحاديث والمجادلات الكلامية والمغالطات الفلسفية أو الخيالات التصوفية أو الخطابات الشعرية التي تجلب بها نفوس العوام كأعداء الأئمة وحسدتهم ومن يسير بسيرة أولئك من اي مذهب كان، قد فتنته أضلته وأوقعته في فتنة الجاه والمال وحب الرياسة، وفتن غيره أضل غيره و أوقعه فيما وقع فيه من المهالك لاستحسانه ما رأى منه بسبب اشتهاره بالعلم في الظاهر وان كان باطنه مفلسا عن حقيقة العلم والحال، على سبيل هدى على طريقة سالك إليه وان لم يكن بالفعل عليه كشيعة الأئمة المقتبسين من أنوارهم.
فان قيل: فأين الجاهل الغافل الذي ليس بمتعلم ولا ضال؟ - قلنا: المقسم من له قوة الارتقاء إلى ملكوت السماء والذين ادركوا الخدمة والصحبة وشاهدوا الوحي والآيات دون أهل الضرر والزمانات فإنهم بمعزل عن ذلك، هلك من ادعى اي القسم الثاني لان الحياة الأخروية انما تكون للعالم بالفعل، وللمتعلم بالقوة، واما الجاهل المدعى فقد أبطل استعداده لها فهو هالك خائب ".