وأما كون فاعله قادرا فلا يجوز أن يكون المؤثر في كونه أمرا، لان تعلق هذه الصفة به وهو آمر كتعلقها به وهو غير آمر. ولأن كونه قادرا لا يؤثر إلا في الايجاد، وكونه أمرا حكم زائد على الوجود.
وأما كونه عالما فلا يخلو من أن يراد به كونه عالما بذات الآمر، أو بالمأمور به، أو يراد بذلك كونه عالما بأن الكلام أمرا، والوجهان الأولان يفسدان بأنه قد يكون عالما بذات الآمر وبالمأمور به ولا يكون كلامه أمرا، والوجه الثالث يفسد بأن، كلامنا إنما هو فيما به صار أمرا، فيجب أن يذكر الوجه فيه، ثم يعلق العلم به، لان العلم لا يؤثر في المعلوم، وإنما يتعلق به على ما هو به من غير أن يصير لأجله على صفة، بل لو قيل: إن العلم إنما كان علما لأجل أن المعلوم على ما هو به، كان أقرب من القول بأن المعلوم على ما هو به بالعلم، ألا ترى أن العلم كالتابع للمعلوم، من حيث يتعلق به على ما هو عليه. ويجري هذا القائل مجرى من قال: إن الجسم إنما صار متحركا بعلم العالم بأنه يتحرك. وبعد