فرق بين من حمل نفسه عليه، وبين من قال: بل الواجب القطع على أن الفعل الذي تعقبه الحال أو الظرف هو العامل، دون ما تقدمه، وإنما يعلم في بعض المواضع أن الكل عامل بدليل.
وقد استدل أبو حنيفة وأصحابه بأشياء:
أولها أن الاستثناء إنما وجب تعليقه بما تقدمه، من حيث لم يكن مستقلا بنفسه، ولو استقل بنفسه، لما علق بغيره، ومتى علقناه بما يليه، استقل، وأفاد، فلا معنى لتعليقه بما بعد عنه، لأنه لو جاز مع إفادته واستقلاله أن يعلق بغيره، لوجب فيه - لو كان مستقلا بنفسه - أن يعلقه بغيره.
وثانيها أن من حق العموم المطلق أن يحمل على عمومه وظاهره إلا لضرورة تقتضي خلاف ذلك، ولما خصصنا الجملة التي يليها الاستثناء بالضرورة، لم يجز تخصيص غيرها، ولا ضرورة.
وثالثها أنه لا خلاف في أن الاستثناء من الاستثناء يرجع إلى ما يليه دون ما تقدمه، لان القائل إذا قال: (ضربت غلماني إلا ثلاثة،