وواجب كل مسلم ألا يختلط عليه الامر في حقيقة كل من الدين والعلم، أو أن ينظر إليهما على اعتبار أن كلا منهما مستقل عن الآخر، إذ الواقع أنهما صنوان متكاملان أصلا ومتحدان غاية ومنهجا لخدمة البشرية، فلا الدين يجافي العلم ولا العلم يعارض الدين، بل إن الدين بدوره يحض على طلب العلم والاستزادة منه، كما أن نور العلم يظهر لنا ما في الدين من جلال وبهاء وسمو روحي.
والقرآن كتاب الله المجيد الذي يجب على المسلمين أن يحرصوا على حفظه كله أو بعضه عن ظهر قلب والعمل به بحيث يكلف الآباء أبناءهم منذ نعومة أظفارهم باستظهار قصار سوره، ويكلف الشباب بتلاوته دائما وفهمه، كما يجب ألا يتوانى الكهول عن دراسته وتطبيقه في حياتهم قولا وعملا، لان القرآن هو الكتاب الجامع لكنوز العلم النافع وهو الدستور الهادي إلى الطريق المستقيم وأن اتباعه نصا وروحا هو الوسيلة العملية الموصلة إلى سعادة الدارين.
وقد نشط علماء الدين على مر العصور واجتهدوا في فهم القرآن والتدبر في آياته وتفسيرها وألفوا في ذلك كتبهم القيمة التي تعتبر من أجل وأبرك ما تركه السلف للخلف، ولكن أغلب ما صدر عنهم من التفسير يدل على أنهم نظروا إلى للقرآن على أنه كتاب دين وهداية وتهذيب وترغيب وترهيب دون تعمق فيما انطوى عليه من معاني علمية أخرى أبعد غاية وأجل شأنا، وقد عنيت الأجيال التالية للسلف الصالح بإعادة النظر في القرآن في ضوء ما كان يجد في مجال العلم الحديث من تطور وتقدم في كل عصر.
وفى عصرنا الحديث أخذت دولة العلم تزداد إتساعا وعمقا في أبحاثها وتنوعا في موضوعاتها، وذلك بفضل الطرق التي استحدثها الانسان في الكشف عن الحقائق بالمشاهدة والملاحظة والمقارنة واستعمال الأجهزة والمجاهر والمختبرات وإجراء