مرصادا للطاغين مآبا، وإما مفازا حدائق وأعنابا، فبعد هذا البيان، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا، يؤب به عند ربه مآبا يرضاه لنفسه، ومن شاء هنا نص في التخيير، ولكن المقام ليس مقام تخيير، وإنما هو بمثابة قوله تعالى: * (فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا) *.
فهو إلى التهديد أقرب، كما أن فيه اعتبار مشيئة العبد فيما يسلك، والله تعالى أعلم.
ويدل على التهديد ما جاء بعده. * (إنآ أنذرناكم عذابا قريبا) *. وقوله: * (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه) *، وهذا كله تحذير شديد، وحث أكيد على السعي الحثيث لفعل الخير، وطلب النجاة في اليوم الحق، نسأل الله السلامة والعافية. * (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه) *. قد بين تعالى نتيجة هذا النظر إما المسرة به وإما الفزع منه، كما في قوله: * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد) *.