أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤١٠
أحاديث الكشاف: أخرجه الثعلبي وابن مردويه من رواية محمد بن زهير، عن محمد بن الهندي عن حنظلة السدوسي عن أبيه عن البراء بن عازب عنه بطوله وهي: بعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها، وبعضهم عميا، وبعضهم صما، بكما، وبعضهم يمضغون ألسنتهم، فهي مدلات على صدورهم يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار، وبعضهم أشد نتنا من الجيف، وبعضهم ملبسون جلبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم.
أما الذين على صورة الخنازير: فأهل السحت، والمنكسون: أكلة الربا، والعمى: الجائرون في الحكم، والصم: المعجبون بأعمالهم، والذين يمضغون ألسنتهم: العلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم، ومقطوع الأيدي: مؤذوا الجيران، والمصلبون: السعاة بالناس إلى السلطان، والذين أشد نتنا: متبعوا الشهوات، ومانعوا حق الله في أموالهم، ولابسوا الجلباب: أهل الكبر والفخر. انتهى بإيجاز بالعبارة، والله تعالى أعلم. قوله تعالى: * (وسيرت الجبال فكانت سرابا) *. تقدم بيان أحوالها يوم القيامة، وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك مفصلا. عند قوله تعالى من سورة طاه: * (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا) * وعند قوله تعالى في سورة النمل: * (وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب) *. * (لابثين فيهآ أحقابا * لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا) *. لم يبين الأحقاب هنا كم عددها، وهذه مسألة فناء النار، وعدم فنائها.
وقيل: المراد بالأحقاب هنا جزء من الزمن لا كله، وهي الأحقاب الموصوف حالهم فيها لما بعدهم من كونهم لا يذوقون فيها، أي في النار أحقابا من الزمن، لا يذوقون بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا.
أما بقية الأحقاب فيقال لهم: فلن نزيد إلا عذابا، وهذه المسألة قد بحثها الشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه في كتاب دفع إيهام الاضطراب، عند الكلام
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»