وبتأمل قول المفسرين نجدها متفقة في مجموعها: بأن دحاها مهدها وسهل الحياة عليها، وذكر لوازم التمكين من الحياة عليها من إخراج الماء، والمرعى، ووضع الجبال، وهو المتفق مع نصوص القرآن في قوله: * (ألم نجعل الا رض مهادا * والجبال أوتادا) *.
وقوله: * (هو الذى جعل لكم الا رض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه) *.
وكل ذلك من باب واحد، وهو تمهيدها والتمكين للعيش عليها، وليس فيه معنى التكوير والاستدارة.
وإذا جئنا إلى كتب اللغة نجدها كلها، تنص على أن الدحو: البسط، والرمي، والإزالة، والتمهيد، فالبسط والتمهيد والرمي بالحجر المستدير في الحفرة الصغيرة معان مشتركة؟ وكلها تفسر دحاها، بمعنى بسطها ومهدها. وأن الأدحية مبيض النعام لا بيضه، كما يقولون وسمي بذلك لأنها تدحوه بيدها لتبيض فيه، إذ لا عش لها.
وعليه، فلا دليل من كتب اللغة على أن الدحو هو التكوير، ولكن ما قول العلماء في شكل الأرض، بصرف النظر عن كون القرآن تعرض له أو لم يتعرض؟
إذا رجعنا إلى كلام من نظر في علم الهيئة من المسلمين، فإنا نجدهم متفقين على أن شكل الأرض مستدير.
وقبل إيراد شيء من أقوالهم ننبه على أنه لا علاقة لهذا البحث بموضوع الحركة، سواء للأرض أو غيرها، فذاك بحث مستقل، ليس هذا محله، وإنما البحث في الشكل.
أما أقوال العلماء في شكل الأرض، فإن أجمع ما وقفت عليه، وأصرح وأبين، هو كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة الهلال، جاء فيها: قال في موضع منها قوله، وقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع من علماء الأمة، أن الأفلاك مستديرة، قال تعالى: * (ومن ءاياته اليل والنهار والشمس والقمر) * وقال: * (وهو الذى خلق اليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون) * وقال تعالى: * (لا الشمس ينبغى لهآ أن تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون) *.