أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤١٦
الأرواح، وقيل: أرواح المؤمنين تنشط عند الفزع، ولم يرجح ابن جرير معنى منها، وقال: كلها محتملة، وحكاها غيره كلها.
وقد ذكر في الجلالين المعنى الأول منها فقط، والذي يشهد له السياق والنصوص الأخرى: أن كلا من النازعات والناشطات: هم الملائكة، وهو ما روي عن ابن عباس ومجاهد، وهي صفات لها في قبض الأرواح.
ودلالة السياق على هذا المعنى: هو أنهما وصفان متقابلان: الأول نزع بشدة، والآخر نشاط بخفة، فيكون النزع غرقا لأرواح الكفار، والنشط بخفة لأرواح المؤمنين، وقد جاء ذلك مفسرا في قوله تعالى في حق نزع أوراح الكفار * (ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون) *. وقوله تعالى: * (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق) *، وقال تعالى في حق المؤمنين: * (ياأيتها النفس المطمئنة * ارجعى إلى ربك راضية مرضية) *، وقوله: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون) *.
وهذا يتناسب كل المناسبة مع آخر السورة التي قبلها إذ جاء فيها: * (إنآ أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه) *، ونظر المرء ما قدمت يداه يبدأ من حالة النزع حينما يثقل اللسان عن النطق في حالة الحشرجة، حين لا تقبل التوبة عند العاينة لما سيؤول إليه، فينظر حينئذ ما قدمت يداه، وهذا عند نزع الروح أو نشطها، والله تعالى أعلم. * (والسابحات سبحا * فالسابقات سبقا) *. قيل: السابحات النجوم. وقيل: الشمس والقمر والليل والنهار، والسحاب والسفن والحيتان في البحار، والخيل في الميدان.
وذكرها كلها أيضا ابن جرير ولم يرجح. وقال: كلها محتملة، وذكرها غيره كذلك.
والواقع، فإنها كلها آيات عظام تدل على قدرته تعالى، إلا أن السياق في أمر
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»