أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٢١
الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل القيد. قاله القرطبي.
واختلف في الآخرة والأولى: أهم الدنيا والآخرة؟ أم هم الكلمتان العظيمتان اللتان تكلم بهما فرعون في قوله: * (ما علمت لكم من إلاه غيرى) *.
والثانية قوله: * (أنا ربكم الا على) *.
قال ابن عباس: وكان بينهما أربعون سنة. وقد اختار ابن كثير الأول، واختار ابن جرير الثاني، ومعه كثير من المفسرين.
ولكن يرد على اختيار ابن كثير: أن السياق قدم الآخرة، مع أن تعذيب فرعون مقدم فيه نكال الأولى، وهي الدنيا.
كما يرد على اختيار ابن جرير، أن الله تعالى جعل أخذه إياه نكالا، ليعتبر به من يخشى، والعبرة تكون أشد بالمحسوس، وكلمتاه قيلتا في زمنه.
والقرآن يشهد لما قاله ابن كثير، في قوله تعالى: * (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك ءاية) *، وهذا هو محل الاعتبار.
وقد قال تعالى بعد الآية: * (إن فى ذلك لعبرة لمن يخشى) *.
واسم الإشارة في قوله: إن في ذلك: راجع إلى الأخذ والنكال المذكورين، أي المصدر المفهوم ضمنا في قوله تعالى: * (فأخذه الله) * وقوله: نكال، بل إن نكال مصدر بنفسه، أي فأخذه الله ونكل به، وجعل نكاله به عبرة لمن يخشى. قوله تعالى: * (أءنتم أشد خلقا أم السمآء بناها) *. لما كان فرعون على تلك المثابة من الطغيان والكفر، وكان من أسباب طغيانه الملك والقوة، كما في قوله تعالى: * (وفرعون ذى الا وتاد) *، وقوله: * (إن فرعون علا فى الا رض) *، وقوله عنه: * (أليس لى ملك مصر وهاذه الا نهار تجرى من تحتى) *.
وهذه كلها مظاهر طغيانه وعوامل قوته، خاطبهم الله بما آل إليه هذا الطغيان، ثم خاطبهم في أنفسهم محذرا من طغيان القوة * (أءنتم أشد خلقا أم السمآء) *، حتى لو
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»