وجاء في الحديث: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله)، ولا معارضة بين النصين، إذ الدخول بفضل من الله وبعد الدخول يكون التوارث وتكون الدرجات ويكون التمتع بسبب الأعمال. فكلهم يشتركون في التفضل من الله عليهم بدخول الجنة، ولكنهم بعد الدخول يتفاوتون في الدرجات بسبب الأعمال. قوله تعالى: * (إنا كذلك نجزى المحسنين) *. في الآية التي قبلها قال تعالى: * (بما كنتم تعملون) *.
وهنا قال: * (نجزى المحسنين) *، ولم يقل نجزي العاملين، مما يشعر بأن الجزاء إنما هو على الإحسان في العمل لا مجرد العمل فقط، وتقدم أن الغاية من التكليف، إنما هي الإحسان في العمل * (تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شىء قدير الذى خلق الموت والحيواة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) *.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك في سورة الكهف عند قوله تعالى: * (إنا جعلنا ما على الا رض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) *. قوله تعالى: * (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) *. هذه الآية الكريمة من آيات الاستدلال على أن الكفار مؤاخذون بترك الفروع، وتقدم التنبيه على ذلك مرارا، والمهم هنا أن أكثر ما يأتي ذكره من الفروع هي الصلاة مما يؤكد أنها هي بحق عماد الدين. قوله تعالى: * (فبأى حديث بعده يؤمنون) *. أي بعد هذا القرآن الكريم لما فيه من آيات ودلائل ومواعظ كقوله تعالى: * (فبأى حديث بعد الله وءاياته يؤمنون) *.
وقد بين تعالى أنه نزله أحسن الحديث هدى في قوله تعالى: * (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشآء) *.
وذكر ابن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم إلى أبي هريرة يرويه: إذا قرأ * (والمرسلات عرفا) * فقرأ * (فبأى حديث بعده يؤمنون) * فليقل: آمنت بالله وبما أنزل.