أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٧
وفي حديث آخر في ذم المبادرة بها، ويشهدون قبل أن يستشهدوا. وقد جمع العلماء بين الحديثين بأن الأول في حالة عدم معرفة المشهود له بما عنده من شهادة، أو يتوقف على شهادته حق شرعي كرضاع وطلاق ونحوه، والثاني بعكس ذلك.
وقد نص ابن فرحون أن الشهادة في حق الله على قسمين، قسم تستديم فيه الحرمة كالنكاح والطلاق، فلا يتركها، وتركها جرحة في عدالته، وقسم لا تستديم فيه الحرمة كالزنى والشرب، فإن تركها أفضل ما لم يدع لأدائها. لحديث هزال في قصة ماعز حيث قال له صلى الله عليه وسلم: (هلا سترته بردائك).
المسألة الثالثة: مواطن الشهادة الواردة في القرآن، والتي يجب القيام فيها، نسوقها على سبيل الإجمال.
الأول: الإشهاد في البيع في قوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) *.
الثاني: الطلاق، والرجعة لقوله تعالى: * (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم) *. الثالث: كتابة الدين لقوله تعالى : * (فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم) *.
الرابع: الوصية عند الموت لقوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم) *.
الخامس: دفع مال اليتيم إليه إذا رشد، لقوله تعالى: * (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) *.
السادس: إقامة الحدود لقوله تعالى: * (وليشهد عذابهما طآئفة من المؤمنين) *.
السابع: في السنة عقد النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)، وهذه كلها مواطن هامة تتعلق بحق الله وحق العباد من حفظ للمال والعرض والنسب، وفي حق الحي والميت واليتيم والكبير، فهي في شتى مصالح الأمة استوجبت الحث على القيام بها * (والذين هم بشهاداتهم قائمون) * والتحذير من كتمانها * (ولا تكتموا الشهادة ومن
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»