أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٤
سميعا بصيرا) *.
وفي آخر سورة الملك هذه قوله * (قل هو الذى أنشأكم وجعل لكم السمع والا بصار والا فئدة قليلا ما تشكرون) *.
ولكنهم سمعوا وعصوا، كما في قوله: * (سمعنا وعصينا وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم) *.
وهذا، وإن كان في بني إسرائيل، إلا أنه قال لهذه الأمة: * (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) *.
وقال تعالى عنهم: * (قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هاذآ) *.
وقوله عنهم: * (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهاذا القرءان والغوا فيه) *.
وقد بين تعالى سبب عدم استفادتهم بما يسمعون في قوله تعالى: * (ويل لكل أفاك أثيم يسمع ءايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من ءاياتنا شيئا اتخذها هزوا) *.
وقوله: * (وإذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها) *.
فقولهم هنا: * (لو كنا نسمع أو نعقل) * أي سماع تعقل وتفهم. قوله تعالى: * (فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير) *. قال رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه: الاعتراف الإقرار، أي أقروا بذنبهم يوم القيامة حيث لا ينفع الإقرار والندم، وتقدم له رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان انتفاع الكفار بإقرارهم هذا بتوسع عند قوله تعالى: * (يوم يأتى تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جآءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعآء فيشفعوا لنآ أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل) *.
واستدل بهذه الآية، آية الملك هناك.
والظاهر أن الأصل في ذلك كله أن اعترافهم وإيمانهم بعد فوات الأوان بالمعاينة،
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»