أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢١٩
((سورة التحريم)) * (ياأيها النبى لم تحرم مآ أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هاذا قال نبأنى العليم الخبير * إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذالك ظهير * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا * ياأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله مآ أمرهم ويفعلون ما يؤمرون * ياأيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون * ياأيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الا نهار يوم لا يخزى الله النبى والذين ءامنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنآ أتمم لنا نورنا واغفر لنآ إنك على كل شىء قدير * ياأيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير * ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنينا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين * وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين * ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) * قوله تعالى: * (ياأيها النبى لم تحرم مآ أحل الله لك) *. تقدم في أول السورة قبلها بيان علاقة الأمة بالخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في تحريم ما أحل الله له بين كونه العسل أو هو مارية جاريته صلى الله عليه وسلم، وسيأتي زيادة إيضاحه عن الكلام على حكمه.
وقوله تعالى: * (لم تحرم مآ أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك) * ظاهر فيه معنى العتاب، كما في قوله تعالى: * (عبس وتولى أن جآءه الا عمى وما يدريك لعله يزكى) *.
وكلاهما له علاقة بالجانب الشخصي سواء ابتغاء مرضاة الأزواج، أو استرضاء صناديد قريش، وهذا مما يدل على أن التشريع الإسلامي لا مدخل للأغراض الشخصية فيه.
وبهذا نأخذ بقياس العكس دليلا واضحا على بطلان قول القائلين: إن إعماره صلى الله عليه وسلم لعائشة من التنعيم كان تطييبا لخاطرها، ولا يصح لأحد غيرها.
ومحل الاستدلال هو أن من ليس له حق في تحريم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه لا يحل له إحلال، وتجويز ما لا يجوز ابتغاء مرضاتهن، وهذا ظاهر بين ولله الحمد.
أما تحلة اليمين وكفارة الحنث وغير ذلك، فقد تقدم بيانه للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، عند قوله تعالى: * (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم) *.
أما حقيقة التحريم هنا، ونوع الكفارة، وهل كفر صلى الله عليه وسلم عن ذلك أم أن الله غفر له فلم يحتج لتكفير، فقد أوضحه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الإملاء عند هذه الآية.
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»