أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢١٤
كما في مستهلها قوله تعالى: * (قتل الإنسان مآ أكفره من أى شىء خلقه) *.
ثم بين تعالى أنه خلقه من نطفة ماء مهين، ولكن قدر الله تعالى قدرتها وصورتها حتى صارت خلقا سويا، وجعل له وهو في بطن أمه عينين ولسانا وشفتين أي وأنفا وأذنين ويدين ورجلين وكل جهاز فيه حير الحكماء في صنعه ونظامه.
ثم قدر تعالى أرزاقه على الأرض قبل وجوده يوم خلق الأرض، وجعله آية على قدرته وعاتب الإنسان على كفره * (قل أءنكم لتكفرون بالذى خلق الا رض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيهآ أقواتها فى أربعة أيام سوآء للسآئلين) *.
وبعد وجود الكون وخلق الإنسان قدر في الإيجاد بإنزال المطر، * (فلينظر الإنسان إلى طعامه) * * (ثم شققنا الا رض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا) *.
ثم إن صب هذا الماء كان بقدر، كما في قوله تعالى: * (وأنزلنا من السمآء مآء بقدر) *.
وقوله: * (ولاكن ينزل بقدر ما يشآء إنه بعباده خبير بصير) * أي بقدر ما يصلحهم ولو زاده لفسد حالهم، كما في قوله قبلها * (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الا رض ولاكن ينزل بقدر ما يشآء) * وبقدر مصلحتهم ينزل لهم أرزاقهم.
كما نبه على ذلك بقوله: * (إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى) *.
هذه لمحة عن حكمة تقدير العزيز الحكيم الذي أحسن كل شيء خلقه، والذي قدر الأشياء قبل وجودها كما في قوله: * (والذى قدر فهدى) *.
وكما في حديث القلم وكتابة كل شيء قبل وجوده بزمانه ومكانه ومقداره، إن آية القدرة وبيان العجز قدرة الخالق وعجز المخلوق كما في قوله تعالى: * (فإذا جآء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) *.
وكقوله: * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب) * أي
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»