أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٢١
فعلى الوقف الأول يكون درج صالح المؤمنين بين جبريل وبين الملائكة تنبيها على علو منزلة صالح المؤمنين، وبيان منزلتهم من عموم الملائكة بعد جبريل، وعلى الوقف الثاني فيه عطف جبريل على لفظ الجلالة في الولاية بالواو، وليس فيه ما يوهم التعارض مع الحديث في ثم إذ محل العطف هو الولاية، وهي قدر ممكن من الخلق ومن الله تعالى كما في قوله تعالى: * (هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين) * لأن النصر يكون من الله ويكون من العباد، من باب الأخذ بالأسباب * (إلا تنصروه فقد نصره الله) *.
وكما في قوله تعالى: * (وينصرون الله ورسوله) *.
وقوله: * (من أنصارى إلى الله) * بخلاف سياق الحديث، فقد كان في موضوع المشيئة حينما قال الأعرابي: ما شاء الله وشئت. فقال له صلى الله عليه وسلم: (أجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده) لأن حقيقة المشيئة لله تعالى وحده كما في قوله: * (وما تشآءون إلا أن يشآء الله) *.
وكقوله: * (بل لله الا مر جميعا) *.
وكقوله: * (لله الا مر من قبل ومن بعد) *.
ومن اللطائف في قوله تعالى: * (وإن تظاهرا عليه) * إلى آخر ما سمعته من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، أنه قال: إن المتظاهرتين على رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأتان فقط تآمرتا عليه فيما بينهما، فجاء بيان الموالين له ضدهما كل من ذكر في الآية. فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة، ما يدل على عظم كيدهن وضعف الرجال أمامهن، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: * (إن كيدكن عظيم) *، بينما قال في كيد الشيطان: * (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) *.
وقد عبر الشاعر عن ذلك بقوله: وقد عبر الشاعر عن ذلك بقوله:
* ما استعظم الإله كيدهنه * إلا لأنهن هن هنه * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) *. فيه بيان أن الخيرية التي يختارها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في النساء هي تلك الصفات من الإيمان والصلاح.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»