وجاء الحديث (فعليك بذات الدين تربت يمينك). وقوله تعالى: * (ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) *.، وفي تقديم الثيبات على الأبكار هنا في معرض التخيير ما يشعر بأولويتهن. مع أن الحديث (هلا بكرا تداعبك وتداعبها)، ونساء الجنة لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، ففيه أولوية الأبكار. وقد أجاب المفسرون بأن هذا للتنويع فقط، وأن الثيبات في الدنيا والأبكار في الجنة كمريم ابنة عمران، والذي يظهر والله تعالى أعلم: أنه لما كان في مقام الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتنبيههن لما يليق بمقامه عندهن ذكر من الصفات العالية دينا وخلقا، وقدم الثيبات ليبين أن الخيرية فيهن بحسب العشرة ومحاسن الأخلاق.
وقوله تعالى: * (عسى ربه إن طلقكن) * لم يبين هل طلقهن أم لا؟ مع أن عسى من الله للتحقيق، ولكنه لم يقع طلاقهن كما بينه تعالى في سورة الأحزاب، بأنه تعالى خيرهن بين الله ورسوله، وبين الحياة الدنيا وزينتها، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فلم يطلقهن، ولم يبدله أزواجا خيرا منهن.
وقد بين الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هذه المسألة وإخلال الزواج إليه وتحريم النساء بعدهن عليه عند قوله تعالى: * (ياأيها النبى إنآ أحللنا لك أزواجك) *.
وقوله: * (ترجى من تشآء منهن) *.
وقوله: * (لا يحل لك النسآء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن) *.
وبين الناسخ من المنسوخ في ذلك في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب. قوله تعالى: * (ياأيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم) *. لم يبين هنا نوع الاعتذار الذي نهوا عنه ولا سبب النهي عنه لماذا؟ ولا زمنه، وقد بين تعالى نوع اعتذارهم في مثل قوله تعالى: * (حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لا ولاهم ربنا هاؤلاء أضلونا فأاتهم عذابا ضعفا من النار) *.
وكقوله تعالى: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين