أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٨
((سورة الطلاق)) * (ياأيها النبى إذا طلقتم النسآء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا * فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الا خر ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شىء قدرا * واللائى يئسن من المحيض من نسآئكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللاتي لم يحضن وأولات الا حمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا * ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا * أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضآروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فأاتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى * لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق ممآ ءاتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا مآ ءاتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا * وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا * فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا * أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله ياأولى الألباب الذين ءامنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم ءايات الله مبينات ليخرج الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجرى من تحتها الا نهار خالدين فيهآ أبدا قد أحسن الله له رزقا * الله الذى خلق سبع سماوات ومن الا رض مثلهن يتنزل الا مر بينهن لتعلموا أن الله على كل شىء قدير وأن الله قد أحاط بكل شىء علما) * قوله تعالى: * (ياأيها النبى إذا طلقتم النسآء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم) *. قيل في سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة رضي الله عنها فنزلت، وقيل غير ذلك، وعلى كل، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم.
ومما يشهد لهذه القاعدة ما لو أخذنا بعين الاعتبار النسق الكريم بين السورتين، حيث كان آخر ما قبلها موضوع الأولاد والزوجات من فتنة وعداء.
والإشارة إلى علاج ما بين الزوجين من إنفاق وتسامح على ما أشرنا إليه سابقا هناك، فإن صلح ما بينهم بذاك فبها ونعمت، وإن تعذر ما بينهما وكانت الفرقة متحتمة فجاءت هذه السورة على إثرها تبين طريقة الفرقة السليمة في الطلاق وتشريعه وما يتبعه من عدد وإنفاق ونحو ذلك.
وقوله تعالى: * (ياأيها النبى) * بالنداء للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله، * (إذا طلقتم) * بخطاب لعموم الأمة. قالوا: كان النداء للنبي صلى الله عليه وسلم، والخطاب للأمة تكريما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتكليفا للأمة. وقيل: خوطبت الأمة في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم كخطاب الجماعة في شخصية رئيسها.
وقال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه: ولهذه الآية استدل من يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون داخلا في عموم خطاب الأمة ا ه.
والواقع أن الخطاب الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:
الأول: قد يتوجه الخطاب إليه صلى الله عليه وسلم ولا يكون داخلا فيه قطعا، وإنما يراد به الأمة بلا خلاف من ذلك قوله تعالى في بر الوالدين: * (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»