أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٠١
ظلمات الجهل والشك والشرك والنفاق. قوله تعالى: * (يوم يجمعكم ليوم الجمع) *. يوم الجمع هو يوم القيامة، وقال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه: ظرف منصوب بأذكر مقدرة أو بقوله * (خبير) *.
فيكون المعنى: أنه يوم القيامة خبير بأعمالكم في الدنيا لم يخف عليه منها شيء فيجازيكم عليها، سمي يوم الجمع لأنه يجمع فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، كما قال تعالى: * (قل إن الا ولين والا خرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) *.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام عليه في عدة مواضع منها في الجزء الثالث عند قوله تعالى: * (ذالك يوم مجموع له الناس) *.
ومنها في الجزء السابع عند الآية المتقدمة، * (قل إن الا ولين والا خرين لمجموعون) *.
ومن أصرح الأدلة فيه: آية الشورى * (وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه) *، ثم قال: * (فريق فى الجنة وفريق فى السعير) *. قوله تعالى: * (ذلك يوم التغابن) *. الغبن: الشعور بالنقص ومثله الخبن لاشتراكهما في حرفين من ثلاثة، كما في فقه اللغة: فبينهما تقارب في المعنى كتقاربهم في الحرف المختلف، وهو الغين والخاء ولخفاء الغين في الحلق وظهور الخاء عنها كان الغبن لما خفي، والخبن لما ظهر.
وقد بين تعالى موجب الغبن للغابن والمغبون فقال: * (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجرى من تحتها الا نهار خالدين فيهآ أبدا ذلك الفوز العظيم) *، وبين حال المغبون بقوله: * (والذين كفروا وكذبوا بأاياتنآ أولائك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير) *.
وقد بين العلماء حقيقة الغبن في هذا المقام بأن كل إنسان له مكان في الجنة ومكان في النار. فإذا دخل أهل النار النار بقيت أماكنهم في الجنة، وإذا دخل أهل الجنة الجنة
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»