أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٣٣
ثم ساق نصوص كل فريق من النصوص التي أوردناها سابقا، ولم يورد نصا لمذهب البصريين الذي فيه التثليث المذكور، وقد وجد في مصنف عبد الرزاق بسند جيد مجلد (1) ص 564 وجاء مرويا عن بعض الصحابة في المصنف المذكور.
وقال في الإقامة: أما صفتها فإنها عند مالك والشافعي بتثنية التكبير في أولها، وبإفراد باقيها إلا لفظ الإقامة، فعند الشافعي مرتين وعند أبي حنيفة، فهي مثنى مثنى، وأما أحمد فقد خير بين الأفراد والتثنية فيها ا ه.
تلك هي خلاصة أقوال أئمة الأمصار في ألفاظ الأذان والإقامة، وقد أجملها العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد تحت عنوان: فصل مؤذنيه صلى الله عليه وسلم قال ما نصه:
وكان أبو محذورة يرجع الأذان ويثني الإقامة وبلال لا يرجع ويفرد الإقامة، فأخذ الشافعي وأهل مكة بأذان أبي محذورة، وإقامة بلال، ويعني بأذان أبي محذورة على رواية تربيع التكبير، وأخذ أبو حنيفة وأهل العراق بأذان بلال وإقامة أبي محذورة، وأخذ أحمد وأهل الحديث وأهل المدينة بأذان بلال وإقامته، أي بتربيع التكبير وبدون ترجيع، وبإفراد الإقامة إلى لفظ الإقامة، قال: وخالف مالك في الموضعين إعادة التكبير وتثنية لفظ الإقامة، فإنه لا يكررها ا ه.
ومراده بمخالفة مالك هنا لأهل الأمصار، وإلا فهو متفق مع بعض الصور المتقدمة. أما في عدم إعادة التكبير، فعلى حديث أبي محذورة عند مسلم، وعدم تكريره للفظ الإقامة، فعلى بعض روايات حديث بلال أن يوتر الإقامة أي على هذا الإطلاق، وبهذا مرة أخرى يظهر لك أن تلك الصفات كلها صحيحة، وأنها من باب اختلاف التنوع وكل ذهب إلى ما هو صحيح وراجح عنده، ولا تعارض مطلقا إلا قول الحسن البصري وابن سيرين بالتثليث ولم يقل به أحد من الأئمة الأربعة.
وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى كلمة فصل في ذلك: في المجموع ح 22 ص 66 بعد ذكر هذه المسألة ما نصه: فإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكرهون شيئا من ذلك، إذ تنوع صفة الأذان الإقامة كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك، وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ا ه.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 135 135 135 ... » »»