الناس جعله في السوق لإعلامهم، فإذا كان بعد الوقت، فأي فائدة منه، وكيف يعد ثالثا، إنه يكون من تعدد المؤذنين لا من تعدد الأذان.
ثم إن مسكن عثمان رضي الله عنه كان بجوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحله معروف حتى الآن، وكان يعرف برباط عثمان. فكيف يجعل هذا الأذان عند خروجه مع بعد ما بين الزوراء ومكان سكناه.
ثم إن من المتفق عليه أن الأذان بين يدي الإمام هو الأذان الذي بعد دخول الوقت، وتصح الصلاة بعده، فالأذان الثالث كالأول بالنسبة للصبح، وبهذا يترجح أنه كان قبل الوقت لا بعده، كالأول للصبح ليتحقق الغرض منه، وعليه ينبغي أن يراعى في زمنه ما بينه وبين الثاني وما يتحقق به الغرض من رجوع أهل السوق وتهيئهم للجمعة وهذا يختلف باختلاف الأماكن والبلاد، وسواء كان قبل الوقت أو بعده، فلا بد من زمن بينهما يتمكن فيه أهل السوق من الحضور إلى المسجد وإدراك الخطبة.
ولو أخذنا بعين الاعتبار ما وقع لعثمان نفسه زمن عمر رضي الله عنه لما دخل المسجد وعمر يخطب فعاتبه على التأخير، ثم أحدث عثمان هذا الأذان في عهده لوجدنا قرينة تقديمه عن الوقت لئلا يقع غيره فيما يقع هو فيه، والله تعالى أعلم.
وسيأتي نص ابن الحاج على أنه قبل الوقت.
وهذا آخر ما يتعلق بتعدد الأذان يوم الجمعة، وسيأتي التنبيه على ما يوجد من نداءات أخرى يوم الجمعة في بعض الأمصار عند الكلام على ما استحدث في الأذان وابتدع فيه، مما ليس منه إن شاء الله. أما تعدد المؤذنين يوم الجمعة فقد جاء صريحا في صحيح البخاري في باب رجم الحبلى من الزنا في حديث طويل عن ابن عباس زمن عمر رضي الله عنه، وفيه: ما نصه: (فجلس عمر على المنبر ولما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله إلى آخر) الحديث.
فهذا نص صريح من البخاري أنه كان لعمر مؤذنون، وكانوا يؤذنون حين يجلس على المنبر، وكان يجلس إلى أن يفرغوا من الأذان، ثم يقوم فيخطب أي كان أذانهم كلهم بعد دخول الوقت.