وعليه سنقدم حديث عبد الله لتقدمه في الزمن: وألفاظه كما تقدم في بدء المشروعية هي: الله أكبر الله أكبر. الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إلاه إلا الله. أشهد أن لا إلاه إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.
ومجموعه خمسة عشرة كلمة أي جملة. ففيه تربيع التكبير في أوله وتثنية باقيه، وإفراد آخره. وفيه الإقامة بتثنية التكبير في أوله في كلمة وإفراد باقيها إلا لفظ الإقامة، ولفظها: الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إلاه إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة، حي على الفلاح. قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.
قال الشوكاني: رواه أحمد وأبو داود، وقال عنه الترمذي: حسن صحيح. وذكر له عدة طرق. ومنها عند الحاكم وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والبيهقي وابن ماجة.
حديث أبي محذورة: وحديث أبي محذورة كان بعد الفتح كما في السنن أنه خرج في نفر فلقي النبي صلى الله عليه وسلم مقدمه من حنين، وأذن مؤذنه صلى الله عليه وسلم، فظل أبو محذورة في نفره يحكونه استهزاء به، فسمعهم صلى الله عليه وسلم فأحضرهم فقال: (أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشاروا إلى أبي محذورة، فحبسه وأرسلهم، ثم قال له قم فأذن بالصلاة فعلمه).
أما ألفاظه: فعند مسلم بتثنية التكبير في أوله: والباقي كحديث عبد الله بن زيد مع زيادة ذكر الترجيع. وقد ساقه مسلم في ثلاثة مواضع وبلفظ التكبير مرتين فقط.
الموضع الأول: عن أبي محذورة نفسه، أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان: الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إلاه إلا الله، أشهد أن لا إلاه إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة. حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إلاه إلا الله.
والموضع الثاني: في قصة الإغارة أنه (كان صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان فإذا سمع أذانا أمسك وإلا أغار. فسمع رجلا يقول: الله أكبر الله أكبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على الفطرة. ثم قال: أشهد أن لا إلاه إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار). الحديث.
والموضع الثالث: عن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إلاه إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله) الحديث، فهذه كلها ألفاظ مسلم لأذان أبي محذورة، ولم يذكر مسلم عن الإقامة إلا حديث أنس، أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، وعند غير مسلم جاء حديث أبي محذورة بتربيع التكبير في أوله، كحديث عبد الله بن زيد، وبالترجيع والتثويب في الفجر، وفيها أن الترجيع يكون أولا بصوت منخفض. ثم يرجع ويمد بهما أي بالشهادتين صوته، وذلك عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي، أما الإقامة فجاءت عن أبي محذورة روايتان: الأولى قال: وعلمني النبي صلى الله عليه وسلم الإقامة مرتين مرتين: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إلاه إلا الله، أشهد أن لا إلاه إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إلاه إلا الله.
الثانية: مثل الأذان تماما بتربيع التكبير، وبدون ترجيع، وتثنية الإقامة أي: الله أكبر الله أكبر. الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إلاه إلا الله أشهد أن لا إلاه إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فالأولى كالأذان في رواية مسلم، والثانية كرواية الأذان عند غيره بدون ترجيع ولا تثويب، وإضافة لفظ الإقامة مرتين.
هذا مجموع ما جاء في أصول ألفاظ الأذان من حديثي عبد الله بن زيد وأبي محذورة.
وبالنظر في حديث عبد الله بن زيد نجده لم تختلف ألفاظه لا في الأذان ولا في الإقامة. وهو بتربيع التكبير في الأذان وبدون تثويب ولا ترجيع، وبإفراد الإقامة إلا لفظ الإقامة، أما حديث أبي محذورة فجاء بعدة صور في الأذان وفي الإقامة.
أما الأذان فعند مسلم بتثنية التكبير في أوله وعند غيره بتربيعه، وعند الجميع إثبات الترجيع في الشهادتين، وأن الأولى منخفضة، والثانية مرتفعة، كبقية ألفاظ الأذان، وأما الإقامة فجاءت مرتين مرتين، وجاءت مثل الأذان تماما عند غير مسلم سوى الترجيع والتثويب مع تثنية الإقامة، فكان الفرق بين الحديثين كالآتي:
في ألفاظ الأذان ثلاث نقاط:
أولا: ذكر الترجيع.
ثانيا: التثويب.
ثالثا: عدد التكبير في أوله.
أما الترجيع فيجب أن يؤخذ به، لأنه متأخر بعد الفتح، ولا معارضة فيه، لأنه زيادة بيان وبسند صحيح.
وأما التثويب، فقد ثبت من حديث بلال، وكان أيضا متأخرا عن حديث عبد الله قطعا، وقد ثبت أن بلالا أذن للصبح فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم فصرخ بلال بأعلى صوته: (الصلاة خير من النوم).