أما الإقامة فحديث بلال نص في إيثار الإقامة إلا لفظ الإقامة وهو عين نص الإقامة في حديث عبد الله، وعين النص في حديث عبد الله بن عمر، والإقامة مرة مرة إلا الإقامة، أي فهي مرتين، وعلى هذا العرض وبهذه المناقشة يكون الراجح هو العمل بحديث عبد الله بن زيد في الأذان والإقامة، مع أخذ الترجيع والتثويب من حديث أبي محذورة للأذان.
ثم نسوق ما أخذ به فقهاء الأمصار من هذا كله مع بيان النتيجة من جواز العمل بالجميع إن شاء الله.
قال ابن رشد في البداية ما نصه: اختلف العلماء في الأذان على أربع صفات مشهورة. إحداهما: تثنية التكبير وتربيع الشهادتين وباقيه مثنى، وهو مذهب أهل المدينة مالك وغيره، واختار المتأخرون من أصحاب مالك الترجيع في الشهادتين بصوت أخفض من الأذان.
والصفة الثانية: أذان المكيين، وبه قال الشافعي، وهو تربيع التكبير الأول والشهادتين، وتثنية باقي الأذان.
والصفة الثالثة: أذان الكوفيين، وهو تربيع التكبير الأول وتثنية باقي الأذان، وبه قال أبو حنيفة.
والصفة الرابعة: أذان البصريين، وهو تربيع التكبير الأول وتثليث الشهادتين، وحي على الصلاة وحي على الفلاح، يبدأ بأشهد أن لا إلاه إلا الله حتى يصل إلى حي على الفلاح، ثم يعيد كذلك مرة ثانية أعني الأربع كلمات تبعا ثم يعيدهن ثالثة. وبه قال الحسن البصري وابن سيرين.
والسبب في اختلاف كل واحد من هؤلاء الفرق الأربع اختلاف الآثار في ذلك، واختلاف اتصال العمل عند كل واحد منهم، وذلك أن المدنيين يحتجون لمذهبهم بالعمل المتصل بذلك في المدينة، والمكيون كذلك أيضا يحتجون بالعمل المتصل عندهم بذلك، وكذلك الكوفيون والبصريون، ولكل واحد منهم آثار تشهد لقوله ا ه.